* استهين بمصطلح الثقافة حدّ الابتذال؛ فسمعنا عن ثقافة النوم والأكل والسفر والتسوق والمساهمات والتشجيع ومماثلاتها، ولو أسموا ذلك سلوكاً لما خلطوا، واتسعت صفة (المثقف) لكل العباءات؛ فكأنها الشهادة، أو كأنها الحضور المنبري: الإعلاميّ والاجتماعي، أو كأنها وجاهة يُساق إليها قادر وعاثر اتكاءٌ على موقعٍ أو توقع.
* الثقافة -في مفهومها الحقيقي- وعي المتغيرات، ومحاكمة السائد، ومساءلة القيم، والمثقف الحقيقي يتمثل أفكاره قولاً وفعلاً وموقفاً، أما التنظير المجرد فلم يُعهد من يجهر بالسوء أو يجاهر بالفساد؛ فنحن مهمومون (أو هكذا نتوهم) بمعاني الخير والجمال والحريّة، ونحن ندعو (أو ربّما ندّعي) النزاهة ونظافة اليد والقلب والاستقلال الفكري، وقد يشي واقعُنا بما يتضاد مع ذلك أو بعضه.
* تجيئ هذه الإشارات رداً على استفهام بعض الشداة الذين يصدمهم المشهد الثقافي بشخوصه التي تعتمرُ الإصلاحَ في قراءاتها، ثم تبدو سوءاتُها حين يقترب منها الشباب أملاً في استزادة أو استفادة.
* خطورة هذه الصدمات أنها تتجاوز الأشخاص إلى القضايا، ولا تعود القيم ذات معنى إلا أن تكون للمتاجرة أو المكاثرة أو المفاخرة.
* حدّث فقال: وصموا أحدهم فتابعتُه حتى بيته ومكتبه، ورأيتهم قد جنوا عليه فأحببتُه، ومجدوا آخر فدنوتُ منه، ثم بان لي ما استتر فنبذتُه، ومن أجل ذاك وهذا غيرتُ طريقي، ولم أعد أعبأُ إلا بما أرى؛ فقد ولى زمن الإملاءات والتزكيات والشكليات.
* الحكم شهادة وشهود.
Ibrturkia@hotmail.com