Al Jazirah NewsPaper Tuesday  18/11/2008 G Issue 13200
الثلاثاء 20 ذو القعدة 1429   العدد  13200
نوافذ
الهند.. فوق سطح القمر
أميمة الخميس

الآن الهند تدخل النادي الفضائي تحط مركبة فضاء هندية فوق سطح القمر، لتعتبر الدولة السادسة في هذا المجال بعد روسيا والولايات المتحدة، والصين والاتحاد الأوروبي واليابان، لا أدري لما أسعدني هذا الخبر كثيرا؟ هل بسبب أنني قرأت سيرة غاندي في بواكير الصبا لعدة مرات.. وأذهلتني؟ أم لغبطة كامنة بسبب انسحاب المركزية الحضارية والثقافية رويدا رويدا من الغرب، وتفرقها في أنحاء العالم؟

لكن من ناحية أخرى الذي يتقصى أحوال الهند طوال القرن الماضي، فسيجد سلسلة هائلة من الأزمات والكوارث والمجاعات التي كانت تكبل هذا البلد العريق وتجثم على أنفاسه، فإضافة إلى الفروقات الإثنية والعرقية في الهند، هناك كم هائل من الديانات والطوائف واللغات، طالما شكل تهديدا لعملية الانسجام والهارموني في الهوية الوطنية الهندية.

ودخلت الهند من خلالها في سلسلة من الحروب الأهلية والنزاعات التي كانت تستهلك الكثير من مقدراتها، حيث ترصد لنا كتب التاريخ ردود فعل الأب الروحي للهند على هذه النزاعات من خلال دخوله في صيام طويل وإضراب عن الطعام يشرف به على الهلاك، احتجاجا على تلك الممارسات الشنيعة بين أبناء الطوائف الهندية.

ولم يكن هذا هو مأزق الهند الوحيد. بل كان هناك الفقر والتلوث البيئي والانفجار السكاني مع الاختلال في التوازن السكاني نتيجة لإجهاض البنات، وكم وافر من المشكلات البيئية والسكانية، لكن هذا كله لم يمنع الهند من أن تلملم أطرافها وتنهض من ركام مأزقها وكبواتها وتنخرط في النادي الفضائي الدولي بعد أن كانت قد انضمت للنادي النووي سابقا، وأصبحت قوة مركزية وحيوية في حفظ توازن القوى في آسيا.

استطاعت التجربة الديمقراطية في الهند أن تصنع نوعا من الاستقرار السياسي على مستوى معين الذي بدوره انعكس على الاستقرار الاقتصادي وبالتالي خلق بيئة حيوية قادرة على المضي في المشروعات التنموية التي توالت بصورة سريعة ومطردة، وبسرعة خارقة حتى حطت الهند على سطح القمر، الرجل الهندي في العالم لطالما عانى من التفرقة العنصرية والانتقاص من إنسانيته وأيضا قدراته العقلية، عبر فكر عنصري متعجرف بدأته بريطانيا عندما كانت تنقل الآلاف من الهنود من جوهرة التاج البريطاني (الهند) ومن ثم تبعث بهم إلى بريطانيا عمال سخرة يعملون في شق الطرق والأنفاق والمناجم.

الهندي نفسه يوجد بكثرة في الخليج مع الطفرة النفطية ولكن عمله في الأعمال الخدماتية، مع حواجز اللغة، جعل سكان الخليج يصنفونه ضمن نظرة استعلاء فوقية جعلتهم ينسون أو يتناسون ماضيهم التجاري الجميل مع الهند. عندما كانت مصدرا لثقافة جميلة زاهية ملونة بالزخارف والنكهات والقصب وكل ما هو عريق جميل في المنزل الخليجي ابتداء بالطعام وصولا إلى الأردية، الشخصية القومية الهندية لم تكترث لم تتورط بمشاعر حقد أو سخط ولم يعق كل هذا تقدمها بل استمرت ماضية في سبيلها وخططها تكابد طموحاتها مرسخة أسس الديمقراطية في أنحاء البلاد حتى حطت على سطح القمر وباتت في الواجهة الأولى من الدول المتقدمة في العالم.

الباقي من هذا كله.. أن نخفف نحن في الخليج من وطأة الكلام والثرثرة ونحن نرى الأمم من حولنا تتسابق في الفضاء الخارجي، ونستجير بمشروع وطني يبعدنا عن الحصار الذي يحاصرنا عالميا كأمم غير منتجة مستهلكة تعيش على ضفاف آبار النفط عالة على منتجات الشعوب والحضارات.



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 6287 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد