Al Jazirah NewsPaper Thursday  13/11/2008 G Issue 13195
الخميس 15 ذو القعدة 1429   العدد  13195
نوافذ
مهند
أميمة الخميس

أحيانا الأقدار ترصف أمام أعيننا كقطع الفسيفساء،وتتجاور وتترى عبر الأيام قبل أن يكتمل المشهد أمام أعيننا، بشكل عجيب يحمل الكثير من المصادفات والمفارقات المحملة برسالة إلى وعينا ويقيننا وقائمة الحقائق التي نؤمن بها.

العام الماضي كنت في دورة تدريبية خاصة بالعمل أنا وبعض من الزميلات، وكان الحدث الذي يطغى على الإعلام آنذاك، هو الحادث المؤسف الذي تعرض له الفتى المخترع الموهوب (مهند أبو دية) كثافة التغطية الإعلامية جعلت تلك الحادثة تتسلل إلى أحاديثنا وتطغى عليها بحيث تحولنا إلى حلقات نقاش تدير بينها مواطن القصور في مستوى الخدمة الصحية، تلك الخدمة التي عجزت عن استقبال مهند في أي من مراكز الإسعاف في مدينة الرياض، مما أدى إلى فقدان مهند قدمه... ولاحقاً بصره، كان الجميع في حالة غضب ونقمة ولا سيما أن مهند فتى نادر قد سبق وأن فاز بعدد من الجوائز (كمخترع موهوب) وأذكر أنني سبق وأن كتبت مقالاً حول هذا الموضوع.

ولكن يبدو أن الحكاية بالنسبة لي لم تنته هناك، فقد ظل هناك فصول اكتملت هذا العام......

الأسبوع الماضي كنت أيضاً في دورة تدريبية أخرى، وكان فيها مهند حاضراً! ليس عبر الأحاديث والحكايات ولكن في القسم الرجالي من الدورة مشاركاً!!

روحه المتوقدة الوثابة تجاوزت الأزمة، خلفها هو وراءه، ودرج بحياته من جديد، أقلع من كبوته كطائر الفينيق الأسطوري الذي يحلق من رماده، واستعاض بالبصيرة الثاقبة عن البصر.

كان تفوقه يتجلى من خلال أجوبته..ردوده... مشاركته.... وتميز إلقائه.... الذي يصلنا عبر الشاشة حيث نراه فتى اعتاد أن يكون في المقدمة... ويظل هناك.

كنت طوال الوقت مبتهجة وفرحه لأن القصة لم تنته بالنهاية المفجعة للعام الماضي، وظل هناك فصول منها أكملها مهند كواجهة وطنية متميزة...

ليحمل بين أعطافه رسالة عن عظم الإرادة البشرية في تحدي الصعوبات.

الآن كم أتمنى أن يقوم مهند بجولات يلقي بها محاضرات بين أبنائنا وفي مواضع تجمعات الشباب والمراهقين...

يخبرهم بأن الماس يصقل عبر نيران الصعوبات، وأن أشد أوقات الليل حلكة هي تلك الساعة التي تسبق الفجر، وأن لا شيء يقف في طريق الإرادة العظيمة...

وأخيراً أن السيارات هي مركبات خطيرة من الممكن أن تتمرد ضدنا في أي لحظة.



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 6287 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد