زاوية تهتم بكل ما يتعلق بالطب النفسي والتنمية البشرية وتطوير الذات.. نستقبل كل أسئلتكم واقتراحاتكم.
المراهقة وإثبات الهوية
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
* أنا أم لبنت عمرها الآن 17 سنة وهي أكبر بناتي. مشاكلي معها بدأت من حوالي سنتين وزادت كثيراً في هذه السنة، دائماً تعاندني وأمام إخوانها وأخواتها الصغار في أشياء كثيرة لا يسع المجال لذكرها جميعاً ولكن على سبيل المثال في لبسها لي تحفظات كثيرة وعندما أمنعها من لباس معين ترفض الخروج معنا وتفسد علينا المناسبة، أصبحت تعاندني بشكل مستفز حتى في أبسط الأشياء، إذا قلت يمين قالت هي يسار. ماذا أفعل؟.. صدقني يا دكتور وصلت معها لطريق مسدود، أعترف بأنني ربما قسوت عليها سابقاً لكن ذلك لأنني أريد أن أراها أفضل الناس وأنا بطبعي لا أحب الخطأ بل إنني قاسية حتى على نفسي وهي تعرف ذلك فأنا منضبطة ودقيقة جداً وقد يكون هذا جزء من شخصيتي لا أعلم. وأنا بالمناسبة أعمل مديرة مدرسة مما يجعلني أشعر بالاحباط والقهر أنني فشلت في ضبط سلوك ابنتي!! أتمنى أن أجد تجاوباً منك، ولك جزيل الشكر.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
- تعلمين أختي الكريمة أن ابنتك تمر حاليا بمرحلة المراهقة وهي التي تأتي متزامنة مع الكثير من التغيرات الهرمونية والجسدية لدى الفتاة ويصاحب ذلك عادة تغيرات واضحة في السلوك لكن الأهم من ذلك هو أن هذه المرحلة تعتبر من الناحية النفسية مرحلة تشكيل الهوية لدى الإنسان، ولذلك وفي ظل المعطيات الواردة في رسالتك يمكنني قراءة تسلسل الأحداث نفسياً بالشكل الآتي:
أنت أم شخصيتها تميل نحو التدقيق والانضباط بشكل مزعج ومبالغ فيه أحياناً وهذا الأمر قد يكون مناسباً لعملك كمديرة مدرسة كما أنه بالطبع لن يشكل عبئاً ظاهراً على ابنتك عندما كانت طفلة تأتمر بأوامرك بشكل مطلق وتتقبل توجيهاتك دون مناقشة لكن بعد أن تكبر هذه البنت وتدخل مرحلة المراهقة تبدأ بالبحث مثلها في ذلك مثل أي مراهق عن هويتها المستقلة ورغباتها الخاصة التي تتشكل بالدرجة الأولى في هذه المرحلة بالذات من خلال أفكار وتوجهات صديقاتها في المدرسة وقريباتها القريبات من سنها، وبذلك تتراجع قيمة توجيهاتك وتعليماتك لها إلى المرتبة الثانية أو ربما حتى الثالثة بعد أن كانت هي الأساس في توجيه سلوكها عندما كانت طفلة. ولكن ماذا يحدث الآن إذا أردت فرض آرائك عليها.. بالتأكيد ستأخذ موقفاً دفاعياً قوياً لأنها تشعر أنك تهددين أهم احتياج وغاية نفسية تسعى لتحقيقها في هذه المرحلة وهي الاستقلالية وتشكيل هوية خاصة والتمتع بالحرية في اتخاذ قراراتها، لذلك تجدين أنك كلما مارست مزيداً من الضغط عليها فإنها تزداد تمسكاً وإصراراً على مواقفها كما أنك إذا نظرت لسلوكها بمنظور شخصي أي أنها تفعل ذلك فقط لتغيظك أو تعاندك وتقولين كيف تفعل ذلك بي وأنا التي أضبط سلوك العشرات غيرها، بهذه الطريقة أعتقد أنك ستظلين تدورين معها في حلقة مفرغة من الصراع الذي لا ينتهي والذي سيكون بلا شك منهكاً لك من الناحية الجسدية والنفسية. والحل برأيي هو في اتباع الخطوات التالية:
1 - اعتبري أن ما يحدث بينكما الآن هو جرس تنبيه لك أن أسلوبك السابق معها لم يعد مجدياً الآن بسبب تغير المرحلة العمرية وبالتالي لا بد من تغيير الأسلوب إلى حوار انساني على مستوى أعمق بمحاولة فهم مشاعرها كانسانة متكاملة بدأت تدخل مرحلة النضج وتتشكل شخصيتها الحقيقية، أظهري لها فهمك واحترامك لهذا الجانب وصدقيني أن هذا سيحسب لك عندها كرصيد عاطفي مهم يساعدك بعد ذلك في الدخول في حوارات حاسمة معها بخصوص بعض اختياراتها وتوجهاتها مع شعورها هي بأمان أكبر لطبيعة علاقتكما لا يجعلها بحاجة لأخذ مواقف دفاعية قوية تجاهك.
2 - لا بد أن تفصلي بين دورك الإداري في المدرسة الذي يتطلب بالدرجة الأولى فرض النظام والانضباط، ودورك كأم لمراهقة الذي يتطلب بالدرجة الأولى تفهماً وصداقة لتمتلك قلبها وعقلها قبل أن تضبطي سلوكها.
3 - إذا كنت كما وصفت نفسك حريصة جداً وقاسية أحياناً حتى على نفسك فأنت بحاجة عندها للتفريق بين المواقف التي تستدعي فعلاً حزماً ودقة كاملة والمواقف الأخرى التي يجب أن يكون فيها نوع من المرونة الذكية والمحسوبة، وهذا برأيي هدف أساسي يجب أن تضعيه في اعتبارك للمحافظة على صحتك البدنية والنفسية على المدى البعيد.
4 - لا تتوقعي تغيراً سريعاً في سلوك ابنتك لأن التغيرات السلوكية تحتاج إلى وقت وصبر ومثابرة لكن سلوكها الحالي سيخف تدريجيا بتجاوزها لهذه المرحلة العمرية والأهم هو أن تستثمري الأزمة الحالية في بناء علاقة متميزة تدوم بينكما وتذكري أن التغيرات الإيجابية دائماً تولد من رحم المعاناة.
وفقك الله لكل خير لك ولأسرتك.
المزاج وحبوب منع الحمل
* دكتور محمد أنا أستخدم منذ حوالي 6 أشهر دواء البروزاك لعلاج الاكتئاب لكنني لاحظت عندما أتناول حبوب منع الحمل أنني أصبح أكثر عصبية ومزاجي يتأثر بشكل واضح وحتى زوجي يشتكي من ذلك. سؤالي هل حبوب منع الحمل لها تأثير على حالة الاكتئاب التي عندي وبماذا تنصحني؟؟.. وشكراً
- أختي الكريمة من الثابت علمياً أن استخدام حبوب منع الحمل يؤثر تأثيراً مباشراً على مزاج المرأة وسبب ذلك يعود إلى تأثير هذه الحبوب على مستوى هرموني الاستروجين والبروجسترون في الجسم مما يؤدي إلى اختلال المزاج، وكثيرا ما يظهر ذلك في شكل سرعة وسهولة الشعور بالغضب وارتفاع معدل التوتر والقلق مع تقلب المزاج. لهذا وفي ظل وجود وسائل أخرى غير دوائية لمنع الحمل ربما يكون من الأنسب لك اللجوء لها بدلاً من حبوب منع الحمل خصوصاً في هذه المرحلة.
دعواتي لك بالشفاء والسعادة.
إضاءة
لا تكن قاسياً فتكسر ولا لينا فتعصر
دكتوراه في الطب النفسي
كلية الطب ومستشفى الملك خالد الجامعي - الرياض
e-mail : mohd829@yahoo.com