Al Jazirah NewsPaper Thursday  13/11/2008 G Issue 13195
الخميس 15 ذو القعدة 1429   العدد  13195
أضواء
فكر عبدالله 5- إعادة التوازن للسلوك الإنساني
جاسر عبدالعزيز الجاسر

مثلما كان متوقعاً، فقد تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة وعلى أعلى المستويات مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، التي جسدت (فكر عبدالله) باعتماد الحوار كلغة عالمية لنشر ثقافة السلام.

وقد مرت جهود خادم الحرمين الشريفين بعدة مراحل لنشر ثقافة السلام والتسامح عبر تعميم الحوار بين البشر جميعاً، إذ بدأت جهوده - حفظه الله - بنشر واعتماد نهج وأسلوب الحوار للتعامل بين أفراد المجتمع، وبذل من أجل تدريب وتعليم المجتمع السعودي على الأسلوب الحضاري في التعامل الذي يجعل من الأخذ بالتسامح والتفاهم والمجادلة بالتي هي أحسن الطريقة المثلى للتعامل بين أفراد الشعب.

هذا الأسلوب الذي أصبح مرتكزا أساسيا من ثقافة المجتمع، واعتمد لمعالجة وحل الكثير من القضايا من خلال إشراك أكبر مساحة من الشرائح من هذا المجتمع في مؤتمرات سنوية، هدف من خلال عقد دوري، بأن يصبح الحوار نهجا وأسلوبا وثقافة سعودية لمعالجة ليس فقط الأزمات والقضايا الطارئة بل أيضاً للتعود وللتدريب على ممارسة هذا النوع من النهج والتعامل الحضاري، ولذلك فقد وجه خادم الحرمين الشريفين بإنشاء مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني ليكون (مصنعاً) يتم من خلال مفكريه وعلمائه الذين يصنعون برامجه وآلياته تجذير التجربة وتصبح أهم ركائز الإصلاح الاجتماعي والسياسي والسلوكي الذي يسعى الملك عبدالله بن عبدالعزيز إلى تنفيذه وتحقيقه.

وهكذا وعبر الحوار وآلياته تحقق الكثير من الإضافات والإنجازات الإصلاحية، وبما أن للحوار في (فكر عبدالله) هدفين أو لنقل مسارين؛ مسار محلي وهو ما تحقق في إشاعة ثقافة التسامح والتفاهم عبر الحوار داخل المجتمع السعودي، فكان من الضروري تفعيل المسار الآخر بالتبشير والسعي لاعتماد الحوار لنشر ثقافة السلام بين الشعوب والمجتمعات الأخرى في مختلف مناطق العالم. ولذلك وبعد تفاهم وحوارات توصل علماء ورجال الفكر في المذاهب الإسلامية إلى اعتماد لغة ونهج الحوار للتفاهم انطلق خادم الحرمين الشريفين نحو الفضاء العالمي لنشر نهجه وفكره فكان عقد مؤتمر مدريد الذي رفعت نتائجه إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الأخيرة التي تعقد هذا العام متزامنة مع الذكرى الستين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، حيث وجد قادة الدول أن توصيات وقرارات مؤتمر مدريد الذي أعطته رعاية خادم الحرمين الشريفين رمزية روحية ودينية كونه الملك عبدالله بن عبدالعزيز الإمام الروحي للمسلمين بوصفه خادما للحرمين الشريفين الذي تدير بلاده المقدسات الإسلامية في مهبط الوحي بمكة المكرمة ومثوى نبي الإسلام وهادي البشرية محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم، وبضيافة العاهل الإسباني خوان كارلوس، ملك البلاد الذي يرمز إلى أفضل تعايش حضاري بين المسلمين والمسيحيين مثَّل ذلك المؤتمر بعداً رمزياً، واختراقاً حضارياً نبه قادة العالم بإمكانية تكرار تعايش المسلمين والمسيحيين واليهود مثلما حصل في الأندلس إبان حكم المسلمين.

وإذ تحتضن الأمم المتحدة المؤتمر العالمي الثالث للحوار، فإن الجمعية العامة للأمم المتحدة وبوصفها الممثلة لكل البشر تكون قد أقرت واعترفت بالإسهام الإنساني والفكري لخادم الحرمين الشريفين في تطوير السلوك الإنساني وتهذيب حقوق الإنسان والرفع من شأنها بالالتزام بالحريات الأساسية مع احترام معتقدات أتباع الأديان وأصحاب الثقافات من خلال إيجاد آليات عمل وتعاون بين الحكومات ومنظمات المجتمع المدني والجماعات الدينية والمنظمات الفكرية بتفعيل أفضل لحوار الأديان والحضارات.

هذا التفعيل والتحريك للفعل الإنساني يعد أفضل جهد في عصر تداخلت فيه المصالح والأفكار وكادت المصالح تطغى على القيم.. فجاء فكر عبدالله، ليوقد من جديد شعلة القيم الدينية والحضارية والثقافية لإعادة التوازن للسلوك الإنساني.



jaser@al-jazirah.com.sa
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 11 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد