بدايةً أقصد بهذه الأهمية ما سوف يعكسه انتخاب (باراك أوباما) وهو من أصل إفريقي كأول رئيس للولايات المتحدة وهي الدولة الأولى في العالم من حيث الاقتصاد والقوة العسكرية..
.. إيجابياً على مبدأ العدالة والمساواة بين البشر، وليس المقصود بالأهمية ما سوف يتخذه باراك أوباما كرئيس للولايات المتحدة من القضايا الدولية، فقد يكون موقفه من تلك القضايا بما فيها قضايا منطقتنا هو نفس موقف سابقيه، ذلك أن الأديان السماوية لم تفرق بين الناس بسبب اللون أو اللغة أو الموطن لأن الله عز وجل خلقهم من نفس واحدة وهو أبو البشرية آدم عليه السلام الذي ترجع إليه الإنسانية بكافة ألوانها ولغاتها ومواطنها ولذلك فإنه لا غرابة عندما يأتي آخر الأديان السماوية وهو الإسلام الحنيف بالتأكيد على مبدأ العدالة والمساواة بين البشر {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}وقول الرسول صلى الله عليه وسلم (لا فضل لعربي على أعجمي ولا لأبيض على أحمر إلا بالتقوى).
إلا أنه بالرغم من أصالة هذا المبدأ وقدمه فقد وجد في ميدان الحياة البشرية منذ خلق الإنسان إلى اليوم من أوجه التمييز ما يتعارض مع هذا المبدأ وأشهرها التمييز بسبب العقيدة أو بسبب اللون.
ويعتبر أفارقة الولايات المتحدة أشهر من عانى التمييز بسبب اللون فمنذ استقلال الولايات المتحدة سنة 1976م إلى منتصف القرن الماضي لم يكن للأمريكيين الأفارقة حق التصويت والترشيح للكونغرس ولرئاسة الدولة وكانوا يعانون من سياسة الفصل العنصري، فقد كانت لهم مدارسهم الخاصة ووسائل نقلهم الخاص وكانوا يمنعون من دخول المرافق الخاصة بالمواطنين ذوي البشرة البيضاء إلى أن ألغي ذلك بالتدرج بسبب المطالب المستمرة من المواطنين الأفارقة حيث اندمجوا بعد ذلك في الحياة العامة فأصبح منهم الوزراء وحكام الولايات والأعضاء في الكونغرس إلى أن توج ذلك بوصول باراك أوباما للبيت الأبيض وما ترتب عليه من ترحيب وارتياح في مختلف دول العالم ليس لأن باراك أوباما فاز في الانتخابات الرئاسية الأمريكة ولكن لأن هذا الفوز يحمل نوعا من التغيير والتطوير في الحياة البشرية بما يتمشى مع ماجاء في الأديان السماوية.
لقد ولد باراك أوباما قبل حوالي (47) عاماً في ولاية هاواي الواقعة في أقصى الجنوب الغربي للولايات المتحدة من أب كيني مسلم وهو حسين أوباما وأم مسيحية أمريكية من البيض وبعد ولادته بعدة سنوات حصل انفصال بين والديه عاد بعدها والده إلى موطنه الأصلي كينيا حيث توفي بعد ذلك، أما والدته فقد سافرت إلى إندونيسيا مع زوجها الإندونيسي ومعها ابنها باراك أوباما وبعد فترة أعادته إلى والدتها في هاواي لتقوم بتربيته إلى أحسنت تربيته كما قال (جون ماكين) مرشح الحزب الجمهوري في خطاب هزيمته في الانتخابات الرئاسية والتي توفيت قبل الاقتراع الأخير بيومين بعد أن قام باراك أوباما بزيارتها في أوج الحملة الانتخابية قبل وفاتها.
إن المتمعن في استعراض حياة باراك أوباما قد يصل إلى نتيجة مؤداها أن إرادة الله سبحانه وتعالى اقتضت رفع شأن هذا الرجل لما يترتب عليه من تحديث وتطوير على مجريات الحياة البشرية المعاصرة كما حصل من قبل بعد ظهور الإسلام عندما سوى بين أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي ابن أبي طالب وبين بلال بن براح وسلمان الفارسي وصهيب الرومي وأسامة بن زيد رضي الله عنهم ولذلك حصل الابتهاج والفرح بفوز باراك أوباما في الانتخابات الرئاسية من كافة الأقليات المضطهدة في العالم، وفوزه يأتي إكمالاً لأدوار سبقته لكل من داعية الحقوق الأمريكي (مارتن لوثر كنج) والذي قتل بسبب مطالبته بحقوق الأمريكيين الأفارقة والمرشح الرئاسي الأمريكي السابق من ذوي الأصول الأفريقية (جيسي جاكسون) ورئيس جنوب أفريقيا السابق (نيلسون مانديلا) الذي سجن (23) عاماً بسبب مطالبته بحقوق الأغلبية من سكان جنوب أفريقيا من ذوي الأصول الأفريقية ولقد تُنبِئ بوصول هذا الرجل لهذه المكانة أثناء الحملة الانتخابية للمرشح الديمقراطي (كيري) منذ أربع سنوات، كما أن هذا الرجل بطموحاته يعكس سيرة الرئيس الأمريكي الديمقراطي الراحل جون كندي.
إن فوز باراك أوباما ذي الأصل الإفريقي والذي ينتمي إلى أقلية تصل نسبتها (16%) من الشعب الأمريكي الذي يزيد تعداده عن (300) مليون نسمه درس للذين لا يزالون ينتهكون حقوق الآخرين أو يقللون من إنسانيتهم لأسباب واهية وغير موضوعية.
Asunaidi@mcs.gov.sa