Al Jazirah NewsPaper Tuesday  11/11/2008 G Issue 13193
الثلاثاء 13 ذو القعدة 1429   العدد  13193
لما هو آت
اللهم آمين..
د. خيرية إبراهيم السقاف

هل يحتاج الإنسان إلى من يذكره دوماً بأن ما من أحد يمكنه أن يتلافى عنه خطأه.., أو يتحمل نتيجته..؟

والبراهين على ذلك ربما من البديهة بحيث شملت سنن الطبيعة في خلق الإنسان حيث نبهه الله تعالى إلى أن.. (أَلاَّ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى), وعليه، فإن ما تجفاه قدمك من موضع, فتزل بك في عثرة طريق.., أو ينطق به لسانك، فتكب به في مآزق الأثر.., فأنت وحدك من يواجه العثرة والأثر.., بينما لم يتركك الرب في توحد موحش مع ضعفك.. إذ منحك الفرصة تلو الأخرى.. وجعلها في مقود عقلك وضميرك.., وجعل للعقل مناخات ومدارات.., وأقام علائق وشيجة بينها وبين ضميرك، الذي هو بوصلة وجدانك المفعم بأحاسيسك، تلك التي حين خلوة مع الرب, تكون المواجهة انكساراً أمام رحمته، وتأدباً مع صدقه في الوفاء بوعده، وأول سلمات هذا أن يأذن لك تعالى بالوقوف تائباً بين يديه.., وجلاً من نتائجك، ولِهاً لرحمته، متشبثاً بنوره, مستعيناً بحوله وقوته..,

لكن هناك من الناس من يرمي الآخرين بأخطائه، إن كان رئيساً وفشل في قرار, أوعز ذلك الفشل للفريق الذي يعمل معه.., وإن كان أباً فسد أبناؤه، رد أمرهم إلى عدم استجابتهم لنواهيه وتوجيهاته, وإن كان جاراً وتطاول عليه جاره رداً على تجاوز منه، أو بحثاً عن حق له, أشاع بنكران الجيرة عن فشل جاره في لمِّ أواصر الجيرة، وأوشاجها., وإن تعثر في طريق، ينكر عدم إبصاره ويرمي الممهدين له بعدم الأمانة، وإن وإن.. وجملة منها في لسان الخطائين.. يبررون بها ما يقترفون.. ويتجردون عن أخطائهم، ويرمون بها سواهم.., والأخطاء تترى وتتنوع.. تكبر وتصغر.., تخص وتعم..

لكن الله تعالى قرب من يخطئ, ويعترف، ويتوب إليه،.. إذ كلما أخطأ عبد ثم اعترف، واستغفر, وتاب أياً كان خطؤه إلا الكفر.., طهره الله تعالى منه.., حتى إنه يقول تعالى بحنو الرب الرحيم: إن عبده قد (علم أن له رباً رحيماً فدعاه).., والدعاء لبُّ التوبة، ومناط القربى، ومآل الطهارة، والتطهير من أدران الخطايا, تلك التي تأتي عن جهل، أو قهر, أو غفلة، أو عجز..,.. لذا فباب الله أوسع الأبواب.. ودربه أنور الدروب, من عرفه لن يعجز, أو يجهل، أو يغفل، أو يتوانى أمام قهر..,

ولأن الحياة تتسع أبوابها للزلل، ولتكاثر العثرات، فإن العودة إلى النفس، ومواجهة حقيقتها، والاعتراف بضعفها، وبشريتها، ومقارنتها أمام مُتاحات رحمات الله تعالى، أنجع دواء، وأشد وطأة على الخطأ من الاعتماد الفردي على وحدة الذات البشرية.., تلك الذات التي لا تتفاضل عن بقية الخلق, إلا بهذا العطاء الرباني فيها، وهو قدرتها على الإحساس، وعلى الحوار, ومن ثمَّ على التمييز، فالعمل..,

فاللهم الهم عبادك، ونحن منهم, القدرة على الدعاء لنعلم أنك قد أذنت لنا بالنجاة في ظل رحمتك وعفوك.. اللهم آمين.



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5852 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد