Al Jazirah NewsPaper Tuesday  11/11/2008 G Issue 13193
الثلاثاء 13 ذو القعدة 1429   العدد  13193
أما بعد
القراءة تبدأ من الرضاعة 2-2
عبد الله بن عبد العزيز المعيلي

يقال: (إن أمة اقرأ لا تقرأ) وإنها (إذا قرأت لا تفهم) والمتابع لحال هذه الأمة يدرك أن لهذه المقولة نصيب وافر من المصداقية والواقعية، فمؤشرات صدق هذه المقولة وواقعيتها، ووضوح دلائلها أكثر من أن تعد وتحصى، وهي ليست بحاجة إلى دليل أو برهان، فالكل يدرك ذلك ويعرفه، ويشعر معه بالأسى والألم، وتتجلى معضلة حب القراءة في الوطن العربي في أمرين:

أولهما: قلة القراء بصفة عامة، وأخص الأطفال والشباب تحديداً، فلا تكاد تجد بين هذه الفئة من يعني باقتناء الكتاب، والانكباب على قراءته طواعية، وبشغف وحب.

وثانيهما: قلة الاستيعاب والفهم لما يقرأ؛ فالمحبون للقراءة -على قلتهم- قل أن تجد بينهم من يحتفظ في ذاكرته ببعض مضامين الكتاب الذي قرأه، ومفاهيمه القيمة، ويرجع السبب في ذلك إلى أسلوب القراءة ومنهجها، وما ينبغي اتباعه عند قراءة نص ما، وكيفية تدوين ما ينبغي من النص في الذاكرة.

إن حال أمة اقرأ مع القراءة حال متردية، بل هي حال مزرية مزمنة، فجل الأسر تشكو -إن لم نقل كلها- من أن أبناءها يعزفون عن القراءة ولا يحبونها، بل ليس للقراءة أي وجود في سلم اهتماماتهم، هذه سمة غالبة أصيلة متأصلة، تشكلت في أحضان التنشئة الأولى داخل الأسرة، وتعززت في مؤسسات التربية والتعليم -المدارس- وهي حالة تحتاج إلى مسعف منقذ، ينتشل الأمة عاجلاً من حالة التخلي عن القراءة وحبها، والعزوف عنها، إلى حالة التحلي بحبها والشغف بها، وهذا أمر يحتاج إلى عزيمة وإرادة وقدرة ورؤية.

فالعزيمة تعني التوجه الحازم نحو هدف تربية الناشئة على تكوين حب القراءة وغرسها في وجداناتهم، وتعويدهم عليها، ويتحقق هذا الهدف إذا تصدى للأمر ذو عزم، وقديماً قيل: على قدر أهل العزم تأتي العزائم، فمتى ما تصدى ذو عزم لهذه المهمة وتبناها، فإن العزائم ممثلة في النتائج المفرحة التي تتبلور في تنشئة أجيال قادمة محبة للقراءة مقبلة عليها بشغف ورغبة، تأتي منقادة طيعة، ولهذا يجب أن يتولى هذه المهمة ويقترن إنجازها بشخصية اعتبارية مقدرة، لا تسمح بالفشل ولا ترضى به.

والإرادة تقتضي الإصرار على النجاح وتحقيقه، وبلوغ الغايات، ومواصلة الجهد والجهود، والسعي الدؤوب في رعاية المهمة، وتذليل أي عقبة قد تطرأ وتعوق مسيرة المشروع حسب الخطة المحددة، وتهيئة كل الأسباب المعينة على النجاح، وتوفير الدعم المادي والمعنوي والتقني، وكل المعينات المساعدة على التمكن، وبلوغ الغايات المنشودة.

والقدرة تتجلى في إسناد تنفيذ المهمة إلى أكفياء مؤهلين علمياً، وذوي خبرة تؤهلهم للتفعيل، يؤمنون بالمهمة ويتحمسون لها، ويتزودون بكافة المستلزمات التي تمكنهم من تفعيل الأدوار، ومتابعة الجهود، وتخطي العقبات.

والرؤية تستوجب استشرافاً متوازناً، يدرك أن المهمة تتطلب مزيداً من الوقت والجهد، وأنه ينبغي تناولها في مراحل زمنية متعقلة، وبيئات حاضنة مشوقة، وأن حرق المراحل في هذه المهمة مستحيل، بل سوف يفضي إلى نتائج محبطة.

فهل من ذي عزم يتصدى لجعل أمة اقرأ، أمة تقرأ؟



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 7789 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد