تقرير - منيرة المشخص
أوجدت التطورات المتعلقة باتساع رقعة سوق الخدمات المالية في المملكة مؤخراً، فرصاً جديدة لتوظيف الكوادر النسائية في هذا المجال، الأمر الذي أسهم في تقليص حجم البطالة النسائية التي كانت تشكل رقماً كبيراً في سوق العمل بالمملكة.
وأكد مصرفيون ل(الجزيرة) أن انتشار هذا العدد الكبير من شركات الخدمات المالية التي جاءت على خلفية المتغيرات التي أحدثتها هيئة السوق المالية أخيراً من خلال فصل خدمات الاستثمار والوساطة عن الخدمات المصرفية وإعطاء الأولوية للمصارف بإنشاء شركات منبثقة عن البنوك لتقديم خدمات الاستثمار والوساطة أسهم بشكل كبير في توظيف الكوادر النسائية في هذا المجال وساعد على التوسع في إنشاء الفروع النسائية وتهيئة كوادرها لتقديم هذا النوع من الخدمات الاستثمارية والمصرفية للسيدات.
20% من فروع البنوك نسائية
وبحسب تقرير مؤسسة النقد السعودي (ساما) لشهر أغسطس الماضي فأن إجمالي عدد فروع المصارف الـ11 الموجودة في السعودية يصل إلى نحو 1392 تمثل الفروع والأقسام النسائية منها 318 فرعاً وقسم هو ما يشكل 22.8% تقريباً، منها 18 فرعاً وقسم مستقل بذاته يكون اتصاله مباشرة بالإدارة الرئيسية, وكما تشير إحصائية تقديرية - غير رسمية- إلى أن المرأة تشكل نحو 30% من عملاء البنوك والمصارف في المملكة، وتملك أغلب البنوك فروعاً وأقساماً نسائية لتقديم مختلف الخدمات المصرفية للنساء.
اشتعال المنافسة
ويرى المراقبين إن الفترة الأخيرة شهدت تطوراً ملحوظاً للنشاط المصرفي النسائي نظراً لتغير ظروف الحياة الاقتصادية والاجتماعية للمرأة في المملكة، حيث اشتعلت حدة المنافسة المحمومة بين البنوك من ناحية والمؤسسات المالية من ناحية أخرى باتجاه تطوير الخدمات المقدمة والأساليب الترويجية والتسويقية الموجهة نحو المرأة والتنوع في الخدمات المقدمة والتي تتلاءم مع ظروف المرأة دون الحاجة إلى الخروج من المنزل أو العمل.
أذرعه استثمارية وبحسب المراقبون فأن هذا التطور في العمل المصرفي النسائي قد دفع الكثير من البنوك إلى إيجاد قنوات استثمارية داخل إدارات الاستثمار النسائية لاستيعاب الإقبال المتزايد من العميلات في ظل التسهيلات المقدمة لهن، إضافة إلى العمل على تطوير واستحداث خدمات جديدة، فضلاً عن مشاركة الفروع النسائية للأذرعة الاستثمارية في تقديم خدمات الدعم الفني لعملاء وعميلات التداول الإلكتروني.
تأهيل مصرفي للسيدات
وفيما يتعلق بالتدريب والتأهيل الكوادر النسائية للعمل في هذا النوع من المجالات الاستثمارية، فأن المعلومات تشير إلى أن المعهد المصرفي التابع لمؤسسة النقد العربي السعودي (ساما) استطاع من خلال مركز التدريب النسائي التابع للمعهد تخريج قوى عاملة مؤهلة تأهيلا مهنياً بعد افتتاحه لبرنامج دبلوم الأعمال المالية والمصرفية للسيدات الذي كان الهدف منه الإسهام في الارتقاء بمستوى العاملات في قطاع الخدمات المالية من خلال تزويدها بالمعارف والمهارات المهنية المتخصصة، ويرى عدد من المهتمات في القطاع المصرفي النسائي أنه ومع التطورات المتلاحقة في مسيرة العمل المصرفي النسائي قد تم تأطير الكوادر المصرفية النسائية وتأهليها علمياً وعملياً في هذه الصناعة وإطلاق المنافسة على مصراعيها أمام المصارف المحلية لجذب واقتسام شريحة مهمة من المجتمع تملك القدرة العالية على إدارة نسبة فاعلة من الرساميل والاستثمارات الطموحة.
قياس جودة الخدمات المصرفية النسائية
وفيما لم تتوافر دراسات حديثة لقياس مستوى جودة الخدمات المصرفية في الإدارات النسائية في البنوك المحلية، يمكن الاستناد إليها في معرفة تطور هذا القطاع إلا أن المعلومات تشير إلى أن إحدى الدراسات التي أجريت في هذا الشأن قبل سبع سنوات أثبتت أن مستوى جودة الخدمات المصرفية النسائية في السعودية تسير في خانة جيدة.
وبينت الدراسة التي أجرتها الدكتورة وفاء المبيريك وكيلة العمادة لشؤون الطالبات في كلية الاقتصاد والتجارة في جامعة الملك سعود في القصيم، أن 30% من السيدات ممن شملتهن الدراسة لديهن حسابات في البنوك، وأن 57% منهن موظفات في القطاع العام و14% يعملن في القطاع الخاص، و20 % منهن طالبات في الجامعة و7 % سيدات منزل.
الفروع النسائية في مصارف إسلامية
في المقابل يشير بعض المراقبين إلى أن تطبيق المصرفية الإسلامية قد شجع الكوادر النسائية على العمل في الأقسام التي تحتضنها تلك المصارف، إلى جانب الإقبال الذي يحققه من ناحية استقطاب العميلات، وذلك كما هو الأمر تماما لدى العملاء والمستثمرين والموظفين الرجال الذين يبحثون عن شرعية تعاملاتهم المالية، وإن كان الحضور النسائي بكافة أشكاله لا يزال ضعيفاً في المصرفة الإسلامية، لكن المرحلة المقبلة كفيلة بتعزيز هذا الجانب عبر شغل مناصب ما تزال تفتقر إلى من يتولاها نظراً للنقص العام في الخبرات في المصرفية الإسلامية.
34% ل(الراجحي)
تقول نوال خانجي مديرة الفروع النسائية في مصرف الراجحي، إن فروع الراجحي النسائية تمثل نحو 34 % من إجمالي الفروع المصرفية النسائية في المملكة، منها ثمانية فروع نسائية مستقلة تمثل مصرف الراجحي فقط, من إجمالي 18 فرع نسائي مستقل بذاته للبنوك المحلية يكون اتصاله مباشر بالإدارة الرئيسية وأشارت في الوقت ذاته إلى أنه في السنوات الأخيرة أصبح هناك إقبال ملحوظ من السعوديات للعمل في المصارف بشكل عام والمصارف الإسلامية تحديداً.
وقالت: إن الفتاة السعودية تنظر إلى العمل في القطاع المصرفي على أنه من الوظائف المرموقة التي تحظى بالاحترام والتقدير، وتفضل العمل دائماً في الأقسام النسائية التابعة للمصارف الإسلامية، باعتبارها تبحث عن العمل الذي يراعي الجوانب الشرعية.
108 فروع نسائية
وذكرت خانجي أن هناك شريحة كبيرة جداً من السيدات في السعودية (سعوديات ومقيمات) مابين سيدات أعمال وموظفات حكوميات وقطاع خاص وربات بيوت, لديهن حسابات في مصرف الراجحي، وقد استطاع المصرف الحصول على هذا الحجم من العميلات كونه يعد أكبر مصرف إسلامي في العالم من حيث رأس المال المطروح في السوق، ويعد كذلك أول مصرف يعمل وفق الأحكام والضوابط الشرعية بالكامل من داخل المملكة، بالإضافة إلى تنوع منتجاته وشمولياتها لجميع متطلبات المرأة, إضافة إلى أنه يملك أكبر شبكة فروع نسائية في المملكة ودول الخليج، بدأها بأول فرع نسائي مستقل له عام 1982م في حي الشميسي في الرياض ووصلت إلى 108 فروع وقسم نسائي من إجمالي فروع المصرف الذي وصل عددها إلى حالياً نحو 440 فرعاً.
تأهيل وتدريب الموظفات
وأفادت خانجي إلى أن المصرف يتبع منهجية مدروسة لتأهيل وتدريب الموظفات منذ بداية التحاقهن بالعمل وتنظيم دورات في أساسيات العمل المصرفي الإسلامي، وقواعد مؤسسة النقد في فتح الحسابات وكشف التزييف والتزوير، إضافة إلى التدريب العملي لمدة شهرين قبل أن يباشرن في خدمة العملاء, وأوضحت أنه خلال العام الحالي تم تدريب 589 موظفة في مختلف الدورات ما بين مديرات فروع ومبيعات وخدمات عملاء وصرافات.
700 موظفة بين التمويل وصناديق الاستثمار
وأشارت مديرة الفروع النسائية في مصرف الراحجي إلى أن المصرف استطاع أيجاد فروع مصرفية نسائية تديرها كوادر نسائية على قدر عال من التأهيل تجاوز عددهن الـ 700 موظفة يعملن في كافة المجالات التي تلبي متطلبات العميلات بدءاً من خدمات البطاقات الائتمانية المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية مروراً بالتمويل كالعقار وغيره، وانتهاء بالصناديق النسائية الخاصة بالاستثمار في الأسواق المحلية والعالمية، إضافة إلى خدمات تداول الأسهم في جميع أنحاء المملكة من خلال وسائل تقنية آمنة كشبكة الإنترنت والهاتف المصرفي والجوال.