سارة في السابعة عشرة من عمرها.., أمها زميلة قديمة شاطرتني بعض مراحل الحبو، ومنعطفات التعليم..,
وكالذي تفعله الحياة بالناس فعلت بنا.., بالتأكيد لم أنسها حين بعد .. وكذلك فعلت.., عادت فجمعتنا الحياة عند مدخل ردهة وسيعة في موعد لقاء حول موضوع من أفكار تناثرت على طاولات الهمم.., وبعدها عاودتنا عادة جميلة أن نصغي قليلا لبعضنا بين وقت وآخر.., سمعتها يوما تقول إن سارة تهوى القراءة فأكدت لها أنها أجادت اقتناص المفتاح., ثم عادت فأخبرتني أن سارة تكتب قبل أن تنام وتستيقظ على كلمة تدونها قبل الانطلاق,, فتأكدت بأن سارة مصابة بداء على ما فيه من قدرة الإيغال لكنه بلسم مضاد.., وطلبت من صديقتي أن تشرع لها ما تحتاج من الوقت والصبر وانفراج الشفتين عن بسمة وكلمة طيبة..,
أمس سارة هاتفتني ..قالت لي: لي أخ في الصف الرابع الابتدائي.. جاءني يبكي فسألته عن سر بكائه لكنه أجابني بسؤال: هل يصح لمعلم أن ينطق أمامنا بكلمة (عليكم اللعنة)..؟ أجبته بالرفض ونصحته أن يراجع المدير.. لكن الصغير أثار في مخيلتي صورا كثيرة لأخطاء تمر أمامنا يحسب الكبار أننا لا ندركها أو لا نفهمها أو حتى لا نلتقطها بينما كلنا آذان مصغية وأرواح يقظة وقلوب حية.., واصلت سارة: ألهمني هذا الموقف قصة بعنوان: (الضائعون).. ثم سردت لي سارة مضمونها شفاهة.., وصلت بي إلى محك بالغ في الأهمية.., هو منطلق لهذا الجيل لتسلُّم زمام المبادرة نحو تنوير ما يطفئه الكبار من وقود تحت آنيات الذهب وهم يصهرون خاماته في الأبناء سواء من هم في البيوت أو في الفصول.., قلت لسارة: هل تصغين لطلبي؟: أجابت بالإيجاب,,
طلبت إليها أن تهدي أخاها نسخة خاصة من قصتها ليقدمها لمعلمه.., سارة النبيهة ختمت مهاتفتها بقولها: شكرا هذا ما كنت أنتظر أن تشجعيني بفعله..,
ليت المعلمين لا ينسون هذه القلوب الكبيرة التي تتقافز خلف أسيجة الصدور أمامهم.