نشرت صحيفة الجزيرة خبراً مفاده أن شرطة الرياض قد كشفت عن مستثمر أجنبي يمارس الغش التجاري في صناعة حديد البناء (8) ملليمتر بعد فحصه من قِبل مختبر وزارة التجارة، الذي أكد إضافة مواد مغشوشة. وأنا أقرأ هذا الخبر تساءلتُ عن المقصود بجريمة الغش في الحديد، وعن السبب الذي جعل ذلك المستثمر الباكستاني يتجرأ ويدير مصنعاً في جنوب الرياض يمارس الغش التجاري في صناعة الحديد، وتساءلت أيضاً عن مصير ذلك التاجر الذي تم كشفه من قِبل وزارة التجارة قبل حوالي الشهرين عندما تعمد تخزين كميات كبيرة من الحديد؛ ما أسهم في شح المعروض منه ومن ثم ارتفاع تكلفته على المواطن حتى بلغ سعر الطن حوالي (600) ريال بزيادة تبلغ حوالي (200%)، كما تساءلت عن حجم العقوبة التي ستطبق في حق هذا المستثمر الباكستاني الذي تجرأ وضخ كميات من الحديد المغشوش.
ولتسمحوا لي أعزائي القراء أن أجتهد وأضع ما أرى مناسبته من أجوبة على ما طرحته من تساؤلات.
أما ما يتعلق بالمقصود من جريمة الغش في صناعة الحديد فيعني في ظني قيام ذلك المستثمر (بل المجرم) بخلط مادة الحديد بمواد مغشوشة ثقيلة الوزن ضئيلة التكلفة؛ ما يعني تضخم الأرباح المحققة للمستثمر على حساب سلامة المواطن، وإذا ما علمنا بكثرة استخدامات الحديد في بناء المنازل والمشاريع الحيوية؛ ما يعني احتمالية سقوط تلك المباني والمنازل على رؤوس أصحابها نتيجة لعدم تحمُّل الحديد المغشوش حمل تلك المباني، وللمعلومية فإن ما يحدث في بعض الدول من سقوط منزل وأبنية راح ضحيتها الكثير من الأبرياء إنما هو بسبب ممارسات الغش في صناعة الحديد المستخدم في بناء تلك الأبنية.
أما بالنسبة إلى السبب الذي جعل ذلك المستثمر الباكستاني يتجرأ بالغش في صناعة حديد سيبيعه علينا في أسواقنا لنستخدمه في بناء أبنية ومنازل ستقع فوق رؤوسنا، فالمثل يقول (مَنْ أَمِن العقوبة تمادى في الجرم)، نعم فلو طبقنا عقوبات رادعة وقاسية بحق كل مَنْ يرتكب مثل هذا الجرم لما أقدم ذلك المستثمر ولا غيره في ارتكاب مثل تلك الجرائم التي لن يدفع ثمنها سوى نحن بسبب طيبتنا من جهة وإهمال الأجهزة ذات العلاقة في تطبيق العقوبات الرادعة من جهة أخرى.
أما ما يتعلق بمصير تاجر الحديد الذي كشفته وزارة التجارة قبل شهرين، والذي قام باحتكار وتخزين الحديد حتى شح تسويقه في السوق فارتفع سعره ليصل إلى قرابة الستة آلاف ريال، فالسؤال يوجه إلى وزارة التجارة، وإن كنت على يقين بأنه لم يطبق بحقه سوى عقوبات مشجعة له ولغيره من عديمي الذمم بارتكاب مختلف جرائم الاحتكار والغش التجاري التي لن يدفع ثمنها سوى المواطن.
أما ما يتعلق بالعقوبة المتوقع تطبيقها بحق هذا المستثمر الباكستاني الذي غش في تصنيعه للحديد، فإنني أؤكد لكم أن عقوبته لن تتجاوز الغرامة المالية التي لن يتجاوز حجمها نسبة قليلة من الأرباح التي حققها من تسويقه للحديد المغشوش، إضافة إلى تسفيره من المملكة نهائياً، ولكن صدقوني سنراه عائداً إلى المملكة خلال أسابيع وبجواز سفر آخر حتى يواصل غشه ومسلسله الإجرامي في أسواقنا؛ ولذا صدقوني فإننا نستحق ما يلحق بنا من أضرار طالما أن طيبتنا (إن لم تكن سذاجتنا) قد تجاوزت الحدود.