Al Jazirah NewsPaper Friday  31/10/2008 G Issue 13182
الجمعة 03 ذو القعدة 1429   العدد  13182
أطلق خادم الحرمين اسمها على جامعة الرياض للبنات
الأميرة نورة حثت الملك عبدالعزيز على تكرار استعادة الرياض فنجح

«الجزيرة» - الرياض

وجه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود مساء أمس الأول بإطلاق اسم الأميرة نورة بنت عبدالرحمن على جامعة الرياض للبنات.وتعد الأميرة نورة بنت عبدالرحمن بن فيصل آل سعود كبرى شقيقات الملك عبدالعزيز، وكان ميلادها عام 1292هـ / 1875م في مدينة الرياض؛ فهي بالتالي تكبر الملك المؤسس عبدالعزيز بسنة واحدة، وارتبطت نورة بأخيها عبدالعزيز برباط وثيق منذ طفولتها المبكرة إذ كانت تشاركه اللعب، وكانت رفيقته عند خروج الإمام عبدالرحمن بأسرته من الرياض في أعقاب موقعة المليداء 1308هـ / 1897م.وبعد سنوات من استقرار أسرة الإمام عبدالرحمن في الكويت كانت نورة عاملاً مهماً في شحذ همة أخيها عبدالعزيز في السعي نحو استعادة ملك آبائه، فقد كانت هي التي حثته عن تكرار المحاولة لاستعادة الرياض بعد أن أخفق في المرة الأولى، فأخذت تقوي عزيمته وإرادته وعندما عزم على الخروج من الكويت بصحبته لاستعادة الرياض، بكت والدته بكاء حاراً وحاولت أن تثنيه عن قصده غير أن نورة شجعته وهو الأمر الذي انتهى إلى نجاح عبدالعزيز ذلك النجاح المعروف تاريخياً.

وبرز دور الأميرة نورة مؤثراً في كثير من الجوانب الاجتماعية والسياسية بعد استرداد الرياض وعودة الأسرة إليها حيث كانت عامل ترابط بين آل سعود عندما وافقت على الزواج من سعود بن عبدالعزيز بن سعود بن فيصل بن تركي الملقب بسعود الكبير، فوفقاً للمعلومات التاريخية فإن الأخير كان على خلاف مع أخيها الملك عبدالعزيز، وفي هذا الصدد كان زواجها أسمى رمز للمصالحة بين عبدالعزيز وأبناء عمومته، فكان ذلك في عام 1321هـ / 1904م لأنه العام الذي انضم فيه سعود الكبير للملك عبدالعزيز. وفي عام 1912م / 1230هـ أصبح سعود الكبير من أشد المقربين والمخلصين للملك عبدالعزيز وهذا التحول في موقف سعود هو بتأثير نورة فيه؛ إذ كان يكن لها حباً شديداً وتدلك مواقفها معه على حكمتها وتعلقها ورغبتها في رأب الصدع بينه وبين أخيها. من جانب آخر ساعد زواج نورة من سعود الكبير أخاها الملك عبدالعزيز على استقطاب قبيلة العجمان التي كانت تحترم نورة وتقدرها اعتباراً لأواصر القربى حيث إن والدة زوجها من هذه القبيلة.كما أنها جنبت أخاها مشاكل وشؤون القصر الداخلية طوال وجودها، خاصة في السنوات الأخيرة من حياتها، فكانت تحل مشاكل القصر وتتدبر الحلول التي تنهي تلك المشاكل.

وأشرفت على تسيير أمور نساء العائلة، ومن مزاياها أنها كانت تشفع عند الملك عبدالعزيز لكثير من المحتاجين ومن لهم مشاكل تحتاج إلى حل ويستشيرها الملك عبدالعزيز في كثير من الأمور وكان يلجأ إليها ليتحدث معها كثيراً ويبحث أموراً كثيرة من شؤونه، ويبوح بأسراره لها ويأتمنها على تلك الأسرار.كما يعتمد الملك عبدالعزيز عليها في بعض الجوانب التي تخص شؤون القبائل، خاصة ما يتعلق بالنساء اللاتي لهن صلات بأفراد من شيوخ القبائل وذوي السلطة في المجتمع فقد وجهها في رسالة بعث بها إليها بأن تهتم بوالدة ضيدان بن حثيلين من العجمان، فكان جوابها عليه برسالة بتاريخ 7 محرم 1339هـ 20 سبتمبر 1920م جاء فيها (تذكر أدام الله وجودك من طرف أم ضيدان والذي جنابكم يوصي عليها إن شاء الله ما أمرتم على الرأس وهي الآن عندنا).ومارست الأميرة نورة بشخصيتها المميزة واجبات السيدة الأولى فكانت تستقبل زائرات الرياض من الأجنبيات، وتأذن لهن بزيارة ورؤية معالم معينة فيها. وكان للأميرة نورة اهتمام كبير بتنمية قدرات الأطفال وتوسيع مداركهم العلمية وتحفيزهم على التعلم، ويبدو ذلك من اهتمامها بالأطفال الذين يختمون القرآن إذ كانت تكافئهم على فعلهم.وهذه الأدوار المؤثرة التي كانت تؤديها الأميرة نورة هي تاريخ علاقتها الوثيقة بالملك عبدالعزيز. كما جاء ذلك في كتاب نساء شهيرات من نجد من تأليف الدكتورة دلال بنت مخلد الحربي، لذا امتزجت علاقتها بشقيقها المؤسس بالأخوة الصادقة بكل ما تحمله من مضامين المشورة وأخذ الرأي وبث الهموم والنصح، ودليل ذلك أن الملك المؤسس كان يزورها يومياً ويحرص بشدة على أن لا يمر يوماً دون زيارتها.

كما يدلل على قوة العلاقة ومتانة الرابطة بينهما أنه في الثلاثينات عندما وصل الهاتف إلى الرياض قام المهندسون بمد أول خط هاتفي بين قصر الملك عبدالعزيز وقصبر شقيقته نورة.

وعرف عن الأميرة نورة مكاشفتها لأخيها الملك عبدالعزيز بكل الأمور دون خوف أو تردد نستشف ذلك من رسالة بعثتها إليه في رمضان 1320هـ - أغسطس 1912م رداً على رسالة منه تقول فيها (موجب الخط إبلاغ السلام والسؤال عن عزيز خاطركم، كذلك أخذنا كتابك المكرم مسرورين بسلامتكم وعافيتكم، وما ذكرتم كان معلوماً، خصوصاً طول الله عمرك أننا نسيء الظن فيك هي عين الحقيقة، ولا هو بسوء ظن، ولكن طول الله في عمرك شرهة عليك، البيوت التي غيرنا ما غفلت عنهم بشيء، عسى الله يديم عليك وجودك أنت خابر مالنا إلا الله ثم أنت، إذا ما فكرت في أحوالنا من يفكر فيها).وحظيت الأميرة نورة بمكانة خاصة عند الملك عبدالعزيز لما تحظى به أي امرأة أخرى في عصرها، وكعادة الرجل النجدي كان الملك عبدالعزيز يعتز بها حيث يردد (أنا أخو نورة) وفي حالات الغضب الشديد يكنى بها حيث يقول (أنا أخو الأنور المعزي).ومن المؤكد أن اعتزاز عبدالعزيز بنورة كان أشد وأقوى من العادة التي اكتسبتها الأخت المميزة عزوة أخرى. ولفتت شخصية الأميرة نورة وعلاقتها المتميزة مع أخيها الملك عبدالعزيز أنظار كثير من المؤرخين والباحثين، بخاصة أولئك الذين أتيح لهم مقابلتها أو السماع عنها عن قرب، فوليت ديكسون قابلتها عام 1927م مع بعض نساء الملك عبدالعزيز أعجبت بها بصفة خاصة ووصفتها بأنها من أكثر النساء اللاتي قابلتهم جاذبية وصراحة، وأنها من أهم الشخصيات في الجزيرة العربية، وكذلك أنها تعد من أجمل وأعظم وأشهر البنات في عصرها. وقال عنها هاري سنت جون فيلبي (كانت السيدة الأولى في بلدها). وسجل ديفيد هاوارث (أبدى ابن سعود اهتماماً ورعاية لأخته نورة طوال حياته).أما فيما يخص جوانب حياتها وشخصيتها (فإن زواجها من سعود الكبير أثمر عن محمد وحصة والجوهرة). وتتمتع الأميرة نورة بصفات الحصافة والحكمة ورجاحة العقل والتدين والورع والفضل وهي تشبه بشخصيتها وأخلاقها وكرمها شقيقها الملك عبدالعزيز.

وكانت الأميرة نورة متفتحة الذهن تتماشى في سلوكها مع تطورات العصر، تعتبر الهاتف وسيلة ضرورية مفيدة، فعلى سبيل المثال ذكرت فيوليت ديكسون (رن الهاتف فقامت إحدى الخادمات بالرد على المتحدث، وبعد انتهاء المحادثة، قالت فيوليت إنها تنزعج من الهاتف، فردت نورة: لا إنها رائعة.

وكانت الأميرة نورة تتمتع بمعرفة جيدة بسلوكيات التعامل مع الآخرين.. وتوفيت الأميرة نورة عن عمر يناهز السابعة والسبعين في عام 1368هـ - 1949م وذكر المؤرخ فيلبي أن وفاتها كانت في شوال 1369هـ / يوليو 1950م ودفنت بمقبرة العود، وأثرت وفاتها على مجريات الاحتفال بمرور خمسين عاماً على استعادة الرياض.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد