قد لا يختلف اثنان على أن السياسات تتباين من مجتمع إلى آخر ومن حقبة تاريخية إلى أخرى، وأن القوة السياسية هي نتاج القوة المجتمعية فالمجتمعات المتقدمة تتسم بقوة سياسية ضاربة، وعلى العكس من ذلك نجد أن دور السياسيين شبه هامشي في المجتمعات النامية.
وربما نتفق كذلك على أن السياسات وأساليبها تتصف - في الغالب - بالبعد عن الأخلاقيات والقيم والمبادئ الفاضلة وعن كل ما يجب أن يكون عليه التعامل البشري من تعايش بين المجتمعات، بل إن البعض قد ذهب إلى أن القوة هي عماد السياسة وأن غايتها تحقيق المصالح بأفضل الطرق وأسرعها ما أمكن دون النظر للجانب الأخلاقي.
وهنا قد يخرج علينا سؤال من أحد قاطني مدينة أفلاطون الفاضلة ويصرخ بأعلى صوته ويقول.. وهل معنى هذا أن السياسة هي سياسة القوة أو سياسة الغاب؟!! وقد نجد صعوبة في الإجابة على هذا السؤال بشكل قطعي سواء بالنفي أو الإيجاب إلا أننا قد نتفق على أن السياسة تعتمد على القوة المجتمعية كعمود فقري لها وتقوم على فكر وخطط ووسائل وأساليب ذات أهداف وغايات قريبة وبعيدة المدى، ومعلنة وغير معلنة، وقد يكون من بين أهدافها أهداف للتضليل وأهداف نزيهة وحقيقية. فهل نستطيع أن نصف السياسة بأنها سياسة الغاب؟! وهل تتميز سياساتنا العربية عن السياسة الغربية بالنزاهة والبعد عن انتهاج سياسة الغاب؟! أم أن السياسة العربية هي من ستحصل على أعلى الأوسمة في هذا المجال ألا وهو وسام سيد الغاب في أفكارها وأساليبها ووسائل تنفيذها.
من خلال التفكير في هذا الموضوع تبادر إلى ذهني تشابه بين السياسة الغربية ولعبة الشطرنج، وفي مقابل ذلك تشابه بين السياسة العربية وصراع شد الشعر بين النساء والأطفال. فالسياسيون الغربيون يخططون ويفكرون ويطبقون وكأنهم يلعبون بشعوبهم والعالم بأسره لعبة شطرنج وهذا التشبيه من منطلق التشابه بين لعبة السياسة الغربية ولعبة الشطرنج والتي تعتمد على التفكير وعدم التحرك لأي قطعة منها إلا بأسلوب ومسار معين. وهذا يتطلب التفكير والتخطيط لكل حركة تود القيام بها والحركة التي تليها ومتابعة حركة المنافس حتى لا تخسر، وفي المقابل وبكل أسف تعتمد السياسة العربية على ردود الفعل الوقتية الانفعالية والتي تتشابه مع صراع شد الشعر بين النساء والأطفال فهذا الصراع يحدث لأتفه الأسباب وبسرعة مذهلة وبدون تفكير ولا أهداف لا بعيدة ولا قريبة المدى.
وما حربي الخليج الأولى والثانية وما يحدث اليوم في العراق وفلسطين وغيرها من دول العالم العربي والإسلامي إلا كافياً لإيضاح هذا التباين بين سياسة العالمين الغربي والعربي من حيث التعامل مع هذه الأحداث الجسام.. ولكنني ما زال لدي أمل، ولابد أن يبقى الأمل لنبقى معه.
abuaymen2001@hotmail.com