Al Jazirah NewsPaper Thursday  23/10/2008 G Issue 13174
الخميس 24 شوال 1429   العدد  13174
لماذا الانتكاسة؟
قبلان محمد القبلان

(اجعل من توبتك النور والتفاؤل والأمل.. ولا تدع الظلام يخيّم عليك مرة أخرى)..

(الضغوط النفسية والعائلية والمادية من أهم الأسباب التي تؤدي إلى الانتكاسة.. وتبديل الصحبة القديمة السيئة بصحبة جديدة صالحة يساعد على التوبة)..

فمن الأسباب التي تؤدي إلى الانتكاسة بعض الضغوط النفسية والعائلية والمادية فكثير من التائبين لا يزال وضعه العائلي غير مستقر فهو منفصل عن زوجته وأولاده وهذا الأمر يسبب له إحباطاً وتشاؤماً.. وعدم ثقة الزوجة به وبتوبته يسبب له فجوة عائلية كبيرة.. هذا علاوة على عدم ثقة المجتمع بتوبته ونظرتهم له بأنه غير مؤهل للعمل مما يسبب له مشكلة معنوية.. وأريد أن أضرب مثلاً في هذه المشكلة عندما يذهب التائب لإنجاز أي معاملة حكومية أو غير حكومية فإنه يُعامل باحترام وتقدير وبعد أن يبرز المعاملة ويكتشف الموظف بأنه تائب تتغير النظرة وحتى المعاملة والتقدير، هذا أمر يحزن كثيراً وليس به إنصاف ولم يأمر الله تعالى به.. وأما عن السبب المادي وتأثيره على التائب، فإن الوضع المادي الذي يعيشه أثناء تعاطي المخدرات فإنه كان عالي الدخل وينفق بشراهة.. أما الوضع بعد التوبة فإنه محكوم بمساعدة الشؤون.. وبهذا يشعر أنه مقيد في تدبير أموره المادية.. أما عن السبب النفسي وتأثيره على التائب.. وأثره عليه في الانتكاسة التفكير في كل ما يتعلق بالماضي الحزين والصحبة السيئة والمكان والزمان وكل ما فقده من تعوُّد نفسي وفكري ومادي ومزاجي يجره إلى اضطرابات نفسية مستمرة، وأريد أن أقف عند الصحبة وأثرها الكبير في الانتكاسة حيث يجب على التائب بعد التوبة أن يحرص على أن يبدل الصحبة القديمة السيئة بصحبة جديدة صالحة لأن الصحبة القديمة تجره إلى العودة إلى ماضي المعاصي والذنوب والحنين إلى المخدرات، أما الصحبة الصالحة فإنها تقوده إلى الخير وطريق الصلاح وتذكره بالله.

أما الفراغ فإنه يجرك أخي التائب ويذهب بك إلى شبح الماضي والذكريات الحزينة المتعبة، لأن الفراغ كاللص الذي يسرقك.. نصيحتي لك أخي التائب أن تتذوق حلاوة التوبة ونشوة الحرية ومتعة الإيمان وثقتك بالله تعالى ثم بنفسك وأن تطوي ملف الماضي لأنه مضى وانتهى ولا تعش في كابوس الماضي ولا تنشغل بماضيك عش حاضرك، اجعل تفكيرك واهتمامك للحاضر وأحسن تصرفك وتدبيرك للأمور وارجع وشاور من سبقك بالتوبة واستغفر الله في كل وقت واستعن به وارض بما أعطاك من الرزق ولا تلق اللوم على الآخرين.. كن واقعياً واعرف أن ما حصل هو من فعل يدك والمدة التي استمررت بها أثناء التعاطي ليست بقليلة حتى تُنسى بهذه السرعة، اصبر واحتسب والله يعينك، وأحب الخالق حتى يحبك ويحبب خلقه فيك، (فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُن مِّنَ الشَّاكِرِينَ).. أخي التائب، ستجد من يحاربك في توبتك واستقامتك خصوصاً من الذين ما زالوا في طريق الذنوب والمعاصي والضلال، لأنهم يحسدونك على توبتك وعلى النعمة التي أنعم الله عليك بها، فاسأل الله لهم الهداية والصلاح وتيقن أنهم يريدون أن يغووك إلى ما هم فيه فأعرض عنهم وتجاهلهم وترفَّع ولا ترد عليهم ولا تجالسهم إلا بالخير والصلاح، اقتل الفراغ بسلاح العمل والجد والمثابرة وتقرَّب وتعرَّف على الله تعالى أكثر، وأصلح بيتك، وصل رحمك وبادر بالخير واصفح وسامح وأحب الناس وحافظ على الصلاة بوقتها والتزم بصلاة الجماعة واقرأ واكتب واطلع واجعل حكمتك في الحياة: الصبر والتحلي به وابتعد عن الذنوب والمعاصي كلها ولا تقل اليوم هذه صغيرة، لأن الصغيرة اليوم تصبح كبيرة غداً، كُف الصغيرة والكبيرة.. تمسك بالنور الذي تعيشه ولا تدع الظلام يخيّم عليك مرة أخرى ولا تظلم نفسك ومن حولك بهذا الظلام.. اجعل من توبتك النور والتفاؤل والأمل والفرح والحب والسعادة وتذكر دائماً ما أنت فيه من خير وصلاح وتمتع بالحرية وثقة من حولك من الأهل والأصحاب والمجتمع وجلستك مع زوجتك وأولادك وضعهم بكفة وضع الجرعة الزائفة ووهم المتعة في كف أخرى، بلا شك كفة العقل والمنطق تقول الكفة الأولى هي الحق والصواب فلا تخسرها وتكون من الضالين، ألا يكفيك حب الله عز وجل ومن حولك من المخلصين.

مرشد علاج إدمان



 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد