استبشر الناس بالمجلس البلدي إبان انتخاب أعضائه ورئيسه، لقد كانت تجربة جديدة خاضها سكان مدينة الرياض، ففي كل حي خيمة كبيرة واستقبال ومجالس وحديث وسَمَر، يصحب ذلك آمال عريضة بأن المجلس البلدي في مدينة الرياض
سوف يكون له أثر كبير، وجرت الانتخابات بعد تلك التمهيدات، وهدأت العاصفة وانخفضت الأصوات، وبقي الانتظار، انتظر سكان مدينة الرياض المجلس البلدي وطال الانتظار وامتد أفقه وتتابعت الأيام والانتظار لا يزال عالقاً بالأذهان، وبدأ الهمس؛ أين المجلس البلدي وماذا يفعل وما عَمَلُ أعضائه والعاملين فيه، وتتابعت الأسئلة وكثر الحديث في المجالس عن أثر المجلس البلدي، وهل له وجود فعلي أم أنه فقاعة زالت بعد الانتخابات، إن الناخبين قد أعطوا أصواتهم أملاً في تحسين الخدمات والإشراف على الأحياء من ناحية تنظيمها وحمايتها وصيانة مساكنها وحماية أطفالها من عبث التفحيط والضرر الذي يلحق بسالك الطريق ولكن تلك الآمال لم يتحقق منها شيء، استمر الوضع على ما كان عليه، فأحياء مدينة الرياض لم تتغير ولم تتبدل، هي الأحياء قبل انتخاب المجلس البلدي وبعد انتخاب المجلس البلدي، كثير من الأحياء تعاني من نقص الماء، وقد رفع السكان أصواتهم ولكن الاستجابة لهم لم يلتفت إليها أحد، ومن المفروض أن المجلس البلدي يقدم هذه المسألة على غيرها فالماء هو أساس الحياة ولا يستغني عنه بيت في مدينة الرياض لا في السويدي ولا في الشفاء ولا في السلي، إنه الماء الحاجة إليه قائمة في الليل والنهار، وتعاني بعض أحياء مدينة الرياض من طول مدة الحفريات، فالمقاولون لا يهتمون لمعاناة السكان، والمحلات التجارية تخسر في كل يوم، والناس في الأحياء يقولون إن المجلس البلدي يتحمل مسؤولية طول الحفر مع إمكان قصرها، ولكن المجلس البلدي غائب عن الحي وغائب عن مداولات سكان الحي، وبعض الأحياء يحل فيه مؤسسة تعليمية كبيرة أو قصر أفراح أو مسجد جامع اشتهر خطيبه أو إمامه بخطبة جيدة أو حسن صوت لتلاوة القرآن، فيعاني سكان الحي من السيارات والرَّجَّالَة والأصوات معاناة لا يعلمها إلا الله، والمجلس البلدي لا يقدم ولا يؤخر، بل لا يقول كلمة واحدة في هذا الشأن المهم، المتعلق بحياة الناس وحفظ أطفالهم وراحتهم الجسمية والنفسية.
لقد حلت أكاديمية الفيصل بقضها وقضيضها في حي الملك فهد فخنقته وكتمت أنفاسه، فهي مؤسسة تعليم وتدريب وكمال أجسام، أي أنها مؤسسة تجارية تسعى إلى الربح بكل وسيلة، فالطلاب والمتدربون والعاملون والمعلمون والمراجعون يعدون بالآلاف والسيارات الثابتة تعد بالمئات والسيارات المارة ازدادت، لقد أغلقت السيارات البيوت وأحاط الرَّجَّاَلةُ بالأبواب بين واقف وما ومترجل حتى ضاق أصحاب البيوت بوضعهم، لقد زاحم الطلاب والعاملون سكان الحي وحاصروا مساكنهم فلم يستطع أصحاب المساكن الوصول إلى بيوتهم فضلاً عن وجود مواقف لسياراتهم أمام منازلهم. إن التجارة واحدة في مؤسسة تعليمية أو مؤسسة تبيع الحديد، فالمشرفون على المؤسسة تجار لا يهمهم ضرر الآخرين ما دام الربح سائراً في طريقه والإقبال على التسجيل يزداد، التجارة لُهَاث خلف المال بأي طريقة وتغييب لحقوق الآخرين. إن من يشاهد المأساة ليعرف أن أصحاب المساكن في وضع مزر ولكن الحل بعيد، لقد يئس أصحاب المنازل إلى حد القنوط فباعوا بيوتهم بأنصاف أثمانها ورحلوا بينما الربح يتدفق على ملاك الأكاديمية من كل صوب (مصائب قوم عند قوم فوائد).
لقد ربح هوامير الأسهم وأفلس الآخرون فما بكى أحد للمفلسين بينما الهوامير يتبجحون بأرباحهم، وكذلك أصحاب البيوت المجاورة للأكاديمية تألموا لخسارتهم فما التقت إليهم أحد ولا شاركهم في معاناتهم، وربح تجار الحديد وخسر ملاك المنازل الذين اشتروا الحديد بأضعاف ثمنه فما حزن أحد لخسارة من شرعوا في بناء مساكنهم في الوقت الذي تتضاعف فيه أرباح تجار الحديد، وكذلك أصحاب المساكن في حي الملك فهد أصابتهم الخسارة الفادحة عندما هربوا من مساكنهم وباعوها في الوقت الذي تتضاعف فيه أرباح القائمين على أكاديمية الفيصل، إنها التجارة هدفها الربح ثم الربح ثم الربح، لقد سأل المتضررون عن المجلس البلدي: أين مكانه؟ وماذا يعمل؟ ألم ينشأ من أجل حماية الأحياء؟ لا أحد يجيب ولا أحد يعرف مكان المجلس البلدي.
- الخسائر فادحة!
- المسألة مغيبة!
- المعاناة يومية!
- الربح سائر في طريقه، وهذا هو المهم!!