قبل أسابيع قليلة صدر كتاب لأحد الباحثين المهتمين يتحدث فيه عن قبيلته الكريمة، حيث سبق وأن كتب هذا الباحث عدة كتب عن قبيلته تاريخها وشعرائها وتجارها وأعلامها، وهذا عمل يذكر لهذا الباحث فيشكر، إلا أن هذا الباحث وفي كتابه الأخير ناقش موضوعات تتعلق بنسب هذه القبيلة مما أثار عليه عاصفة كبيرة من النقد والنقاش في أوساط هذه القبيلة الكريمة، هذا الباحث يرى أنه قام بحقه المشروع في الكتابة وبيان النسب والنسبة، في حين يرى آخرون أن هذا الباحث خالف المشهور وأتى على رأي مطروح مغمور فجعله القول الراجح والرأي الصائب، وهذه الجملة الأخيرة هي ما سقت المقال هذا لأجله فأنا غير معني بهذا الخلاف أو الاختلاف وليس هذا المقال أو هذه الصفحة محل النقاش فيه بل حديث عن قضية منهجية في البحث والتأليف: هل يحق للباحث أن يبحث في القضايا المسلمة والمعروفة عند الناس ويتوارثها الخلف عن السلف (!؟) هذه القضية مهمة تلقي بظلالها في شتى مناحي الدراسات الإنسانية والشرعية والأدبية، فكل باحث نقض قولا قديما يتهجم عليه آخرون بالانقلاب على التراث والخروج على المألوف والسائد والشذوذ، وأما هذا الباحث الذي تجاوز بعض النصوص القديمة فهو يرى أن قام بحق المشروع في البحث والتفكير وأن قضايا الدراسات الإنسانية والتاريخية لم يرد فيها نص قرآني ولا حديث نبوي حتى تكون عليها هذه القداسة.
وكل يصر على رأيه وموقفه، وكلي أمل من القراء الكرام أن لا ينشغل أحدهم بهذه القضية الجزئية تحديدا مهما كانت مهمة بل حديثي عن صور الخروج على النصوص التراثية القديمة سواء كان ذلك في التاريخ أو الأنساب أو الأدب واللغة.
لاشك أن هناك المسموح والممنوع. إلا أني أحب أن أشدد على أن مناقشة النصوص القديمة ليست نزهة مستساغة لأي باحث بل لابد من توافر شروط وأدوات في الباحث حتى ينتقد ويناقش نصوصا قديمة من أهم هذه الشروط أن يكون الباحث متمكنا في فنه ملما بأدوات البحث وشروطه.
وأن يكون حديثه في مجال تخصصه وأن يبتعد عن العموميات.
وأن يكون حديثه في الموضوع المراد بعينه مع التأكيد على احترام النصوص التراثية وأصحابها حتى وإن اختلفنا معهم.
****
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب 6288 ثم أرسلها إلى الكود 82244
للتواصل فاكس -2092858 tyty88@gawab.com