بعض الناس تعودت أن تأخذ حقها بلسانها..
وسقطات اللسان درك من الأحزان.., لله ما أحكم قدوة البشرية حين قال عليه الصلاة والسلام: (لا تغضب)..
كما: (وهل يكب الناس في النار إلا حصاد ألسنتهم)...
وقائل قد يقول: هذا ينطبق على اللغو.. والإثم.., والشرك..,
لكن ما يقول هذا وهو تتقاطر في أذنيه ألفاظ الغاضبين بدعوى استرداد الحق..؟ وما يقول هذا حين يتحول صاحب الحق لظالم لنفسه..؟ أليس من الحكمة بل من الإيمان أن يتقي المرء ربه حتى في نفسه..؟
والإجابة ببلى تنحو إلى سؤال: وكيف يتقي المرء زلات لسانه..؟ ربما يكون من الأجدر به حين ذلك النظر إلى تكوينه الخلقي قبل أن يجيب..؟ فهل ربي على الصبر؟ والصفح.. ومكارم الأخلاق.. ومنها الثقة في أن حقا لا يضيع ورب يعلم وكتبة تسجل..؟..
كما سقطات اللسان درك للأحزان تفعل سقطات المشاعر تلك التي لا صوت لها تسمعه جارحة الأذن ولا تسجله سنة قلم.. لكنها أفعال تُمارس بصمت فتحرك في قلوب الواقعة عليهم آلامها وتحرض فيهم عزيمة الدفاع.., فتلون لهم أنفسهم سبل الاسترداد لحقوقهم.. فتتشابك العلاقات إن لم تكن بالأيدي فبالألسنة.. وإن لم تأت علانية تنفذ كما أسنة الرماح.. فتصيب ربما في مقتل وربما في جرح..,
والمظلوم الحكيم.. خير من المظلوم الأحمق.., كما إن الظالم الذكي ليس كالظالم الغبي..,
وعند مداخل الصفات تقع المواجهات.., وعند مواجهة الصفات تتنابز القدرات..,
فمواجهة الظالم الذكي باليد أو اللسان تحتاج إلى مواجهة المظلوم الحكيم بمثل ما على المظلوم الأحمق بكبح حمقه في مواجهة الظالم الغبي..,
فكل منهم عند المواجهة تطفو خصائصه.., وتغلب عندها أخلاقه.., فأي الظالمين وأي المظلومين.. حين تقع عليهم حاجة للدفاع عن أنفسهم بدعوى الحق لكل منهم يكون لسان حاله ما قال المتنبي: (وجاهل غره من جهله ضحكي..) فتكون يده التي تأتي يده الفراسة وفمه المفوَّه بما في جعبته من الأخلاق التي تجعله في وعي بأن الحلم سيد الأخلاق.. وبأن الصفح أول خطوة للجنة يفتح الباب..؟