نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله-، يرعى صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل بن عبدالعزيز أمير منطقة مكة المكرمة ظهر اليوم الأحد التاسع عشر من شهر شوال 1429هـ، الحفل الختامي لمنافسات الدورة الثلاثين لمسابقة الملك عبدالعزيز الدولية لحفظ القرآن الكريم وتجويده وتفسيره، التي نظمتها وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد في رحاب مكة المكرمة، والذي سيقام في قاعة التضامن الإسلامي بفندق مكة إنتركونتيننتال.
وبهذه المناسبة، رفع معالي وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ -في تصريح له- شكره وتقديره لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود -أيده الله- على موافقته على رعاية المسابقة، وعنايته بكتاب الله - تعالى-، وبحفظته، وتشجيعه، ودعمه لهم، موضحاً أن المملكة العربية السعودية هي دولة القرآن، وحاملة لوائه، وخادمة بيت الله العتيق، وراعية الحرمين الشريفين، وارتباط هذه الدولة بالقرآن الكريم هو ارتباط قديم، قام على نشر هداية القرآن الكريم وتحكيمه، مشيراً إلى أن هذه البلاد المباركة -رعاها الله- ابتداء من مؤسسها الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -طيب الله ثراه- وجميع من خلفه من أبنائه جعلت خدمة القرآن الكريم أسمى الغايات وأنبل الأهداف، وبذلت لتحقيق تلك الغايات شتّى الوسائل والسبل.
وقال معاليه: إنه لا شك أن بلوغ هذه المسابقة الأم ثلاثين عاماً من عمرها المديد يؤكد مجدداً حرص ولاة الأمر على الاهتمام والرعاية والعناية بالقرآن الكريم وأهله في داخل المملكة وخارجها، وإنه لشرف لوزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد أن تحظى بالإشراف والترتيب لتنظيم المسابقات القرآنية في داخل المملكة وخارجها، مبيناً معاليه أن هذه المسابقة الدولية هي محط أنظار أبناء المسلمين من الحفاظ للظفر في المشاركة فيها لعدة معانٍ وأهداف سامية.
وأبرز معاليه مكانة كتاب الله العزيز في حياة الأمة، وأن القرآن العظيم هو كتاب الله المعجز بألفاظه ومعانيه وأخباره وأحكامه وآياته وبراهينه، أنزله الله هداية للناس أجمعين، ليخرجهم من ظلمات الشرك إلى نور التوحيد، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة، كما قال تعالى: {الَر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ}(1) سورة إبراهيم، وهو أعظم ما ابتغي به الأجر، وعرف به الحق، وهو أفضل الذكر؛ لأنه مشتمل على جميع الذكر من تهليل وتذكير وتحميد وتسبيح وتمجيد، وعلى الخوف والرجاء والدعاء والسؤال والأمر بالتفكر في آياته.
وقال معاليه: لقد جاءت النصوص في فضل القرآن الكريم متواترة في الكتاب والسنة، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ}(29) سورة فاطر، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:( الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة ) الحديث، والقرآن الكريم كتاب الله العظيم، وحبله المتين، وصراطه المستقيم من تمسك به هدي، ومن أعرض عنه ضل، قال تعالى: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاء وَمَن يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ}(23) سورة الزمر، والرسول صلى الله عليه وسلم قد بين فضل من اشتغل بتعلمه وتعليمه، فقال: (خيركم من تعلم القرآن وعلمه).
وأكد معالي الوزير الشيخ صالح آل الشيخ أن هذا القرآن العظيم ضد الإرهاب والغلو بجميع أنواعه، وأن هذا القرآن هو الذي يقر حقوق الإنسان في قوله تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً}(70)سورة الإسراء، مؤكداً أنه كان من اللوازم أن يكون الناس في أخذهم للقرآن الكريم أن يكونوا متجددين بتجدد القرآن الكريم إلى قيام الساعة، وأن لا يكونوا سبباً في إعاقة إيصال هداية القرآن الكريم إلى النفوس.
وشدد معالي الشيخ صالح آل الشيخ على أن القرآن العظيم يبطل ادعاء هؤلاء الذين جعلوا القرآن شعاراً لهم، ولكنهم أفسدوا في الأرض وحاربوا الله ورسوله، فيقول تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ}هؤلاء الذين أخذوا بالإرهاب فكفَّروا، ثم فجَّروا، إن هؤلاء يدعون أنهم يحسنون صنعاً والله سبحانه وتعالى ينبئنا عنهم بأنهم إذا تولوا سعوا في الأرض ليفسدوا فيها، وأهلكوا الحرث والنسل، ووقائع أعمالهم شاهدة على ذلك، قال سبحانه وتعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِن لاَّ يَشْعُرُونَ}.
واستطرد وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد قائلاً: إن النصوص الشرعية من الكتاب والسنة كثيرة تحث النفوس المؤمنة على التنافس في العناية بهذا القرآن العظيم، تلاوة وتدبراً وعملاً واستشفاء على المستوى الفردي والجماعي، كما سجل التاريخ صفحات مشرقة لما كان عليه السلف الصالح من العناية بالقرآن الكريم، وتعاهد حفظه، وتعليمه، والعمل به، مثنياً معاليه على إنجازات هذه الدولة المباركة في خدمة كتاب الله - تعالى، ومنها إنشاء مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف في المدينة المنورة، الذي يعد بحق أعظم صرح في مجال العناية بالقرآن الكريم، طباعة وتصحيحاً وترجمة لمعانيه ونشراً له في جميع أنحاء المعمورة، وكذلك مكرمة تخفيف مدة السجن عمن يحفظ كتاب الله - تعالى، تشجيعاً للجميع - ومنهم السجناء- على الإقبال على تعلم القرآن الكريم وحفظه، وتوجيه اهتمامه إليه، كما قامت الدولة بإنشاء الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم، واحتضانها ورعايتها ودعمها مادياً ومعنوياً.
ووصف معاليه تنظيم المسابقات القرآنية بأنه مظهر من مظاهر عناية المملكة بالقرآن الكريم وأهله، مؤكداً على أن هذا الاهتمام من ولاة الأمر في هذه البلاد نابع من إدراكهم الراسخ لأهمية القرآن الكريم، وأثره المبارك في قيام هذه الدولة، وحصول ما ينعم به هذا المجتمع الكريم من سبوغ الأمن، ورغد العيش، واجتماع الكلمة، وتآلف القلوب، وقوة المكانة بين الأمم، ذلك أن القرآن الكريم يدعو لكل خير، وينهى عن كل شر، ويهدي إلى المجد، والسؤدد، قال تعالى: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ}، وقال - تعالى: {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}، مفيداً أنه لا بد أن يكون سعي هؤلاء المتسابقين في هذه المسابقة مدعاة إلى سعي آخر، وهو إلى الامتثال للقرآن الكريم إذا رجعوا إلى بلادهم.
وبين معالي الوزير الشيخ صالح آل الشيخ أن المسابقة ستشهد -إن شاء الله تعالى- المزيد من التطوير والتجديد في برامجها وأعمالها، لتحقيق الأهداف والغايات السامية التي من أجلها أقيمت، رافعاً في ختام تصريحه الشكر والتقدير لخادم الحرمين الشريفين، ولسمو ولي عهده الأمين -حفظهما الله- على جهودهما الجليلة في خدمة الإسلام والمسلمين، ودعمهما وتشجيعهما المستمرين لأعمال الوزارة في مختلف الأصعدة، مما كان له الأثر الكبير في مساعدتها على إنجاز مسؤولياتها وواجباتها على الوجه الأكمل.