إذا كان من حق الأدباء والشعراء والممثلين ولاعبي الكرة أن يقيموا الاحتفالات عند فوزهم بجائزة أو بطولة أو مسابقة، وتحتفي بهم وسائل الإعلام، وتفرد لهم مساحات كبيرة على صفحاتها وبرامجها، فالأجدر أن نحتفي جميعاً بالفائزين بمسابقة الملك عبدالعزيز الدولية لحفظ القرآن الكريم، الذين انشغلوا بأعظم ما يمكن أن ينشغل به الإنسان المسلم، وهو حفظ كتاب الله العزيز، وإتقان تلاوته وتفسيره، وتنافسوا في أشرف ما يتنافس فيه المتنافسون، من حفظ آيات الذكر الحكيم.
وفي ميدان القرآن الكريم، الكل له نصيب من الفوز، ولا مجال للحديث عن الخسارة أو الهزيمة، فالاجتماع على مائدة القرآن له فضل عظيم، وأجر كبير، وحفظ القرآن الكريم طاعة وقربة لله عز وجل يجزي عنه أعظم الجزاء، ولا يقتصر هذا الأجر والثواب على الحافظ وحده، بل يصل - أيضاً - لوالديه.. وقد ورد في الحديث أن حافظ القرآن الكريم يتوج والديه بتاج من نور، ويعم الخير كل أمة تعنى بحفظ القرآن الكريم، وتشجع حفظته.
وفي مسابقة الملك عبدالعزيز القرآنية - التي تجاوزت ثلاثة عقود من عمرها - الكل فائز، فالمشاركون فيها شرفوا بالاجتماع على مائدة القرآن في رحاب بيت الله الحرام، ومهبط الوحي بمكة المكرمة، وأتيحت لهم فرصة أداء مناسك العمرة، وتحققت أمنية الكثيرين منهم ببركة ما حفظوا من كتاب الله، ثم ما أتاحته لهم هذه المسابقة المباركة من التقاء في أم القرى، أحب بلاد الله إليه - جل وعلا -، وأحبها إلى رسوله صلى الله عليه وسلم.
ولنا أن نتصور الأثر العظيم لهذا الاجتماع القرآني الطيب في رحاب بيت الله الحرام في نفوس المتسابقين الذين وفدوا من جميع بلدان العالم، بل ونفوس الناشئة والشباب، وهم يرون حفظة القرآن الكريم يحظون بهذا التكريم والتقدير، وما يبثه ذلك من تحفيز وتشجيع للإقبال على أن ينالوا هذا التكريم، فضلاً عما يوفره هذا الاجتماع المبارك لحفظة القرآن الكريم من التقاء بالعلماء، وكبار الحفظة من أعضاء لجان التحكيم، ومن خلال اللقاءات التي تنظم على هامش المسابقة، والتي تمثل فرصة عظيمة للتواصل بين حفظة القرآن الكريم في العالم، وعلماء الأمة.. والتعريف بصحيح الإسلام ودحض ما يثار حوله من شبهات وأباطيل، وترسيخ الفهم لما يحفل به الدين الحنيف من وسطية وتسامح، وما يقدمه من حلول لقضايا الإنسان والإنسانية.
ولا نستطيع - مهما حاولنا - حصر الفوائد العظيمة لهذا الملتقى القرآني العالمي، ويكفي أن نعلم أن بعض المتسابقين الفائزين بالمسابقة قبل عشرين عاماً، أصبحوا من أعضاء لجان التحيكم في دوراتها الأخيرة.
ولا يمكن تجاهل أهمية الجوائز المالية والعينية التي تقدم للفائزين بالمسابقة، باعتبارها حافزاً له أثره في النفوس، وهي جوائز كبيرة تكاد تكون الأكبر بين جميع المسابقات القرآنية الدولية، لكنها تظل ملمحاً لفوز أعظم، وهو الاجتماع على مائدة القرآن الكريم، والارتباط به، وما أعظمه من فوز.. وما أشرفه من اجتماع جدير بالاحتفال، والاحتفاء.
alomari 1420 @ yahoo.com