أجمع حفظة القرآن الكريم المشاركون في منافسات الدورة الثلاثين لمسابقة الملك عبدالعزيز الدولية لحفظ القرآن الكريم وتجويده وتفسيره، على ريادة المملكة العربية السعودية عالمياً في مجال خدمة الإسلام والمسلمين، والعناية بكتاب الله طباعة ونشراً وتعليماً.
وأشاروا - في دراسة استطلاعية تحليلية أجرتها الإدارة العامة للعلاقات العامة والإعلام بوزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد - إلى أن استمرارية تنظيم مسابقة الملك عبدالعزيز الدولية بمكة المكرمة على مدار ثلاثة عقود دليل حي ومتجدد على هذه الريادة، وما توليه بلاد الحرمين الشريفين من اهتمام وتشجيع لحفظة القرآن الكريم في جميع أنحاء العالم.
وكشفت الدراسة - التي شملت مجموعة من المتسابقين في كافة فروع المسابقة في دورتها الثلاثين والبالغ عددهم (115) حافظاً من جميع القارات - أهمية دور الوالدين والأسرة في تشجيع الناشئة والشباب للإقبال على حفظ القرآن الكريم في حلق ومدارس التحفيظ في سن مبكرة، دون أدنى خوف من تعارض ذلك مع التحصيل العلمي.. حيث أشار (75%) من المشاركين في الدراسة إلى أنهم عرفوا طريقهم إلى حلقات التحفيظ والمدارس القرآنية من خلال تشجيع الآباء والأمهات، والإخوة والأخوات لهم.. بل إن (50%) منهم له أشقاء وشقيقات يحفظون القرآن الكريم كاملاً، أو أجزاء منه.
ولفتت الدراسة إلى أن التشجيع المنشود للأبناء على حفظ القرآن الكريم لا يقتصر فقط على إلحاق الأبناء بمدارس التحفيظ فقط، بل يمتد إلى مساعدتهم في الحفظ والمراجعة، يؤكد ذلك اتفاق ما يزيد على (30%) من الحفظة المشاركين في المسابقة على قيامهم بمراجعة ما حفظوا من القرآن الكريم على آبائهم وأمهاتهم في المنزل، إلى جانب انتظامهم في حلقات التحفيظ في المساجد والمدارس.
ونبهت الدراسة إلى عدم ارتكان الآباء والأمهات إلى مبررات واهية في تقاعسهم في دفع الأبناء إلى مدارس وحلق التحفيظ، كالقول بعدم رغبة الطفل في الحفظ، حيث أشار ما يزيد عن (80%) من المتسابقين إلى أن رغبتهم في الالتحاق بمدارس التحفيظ لم تتشكل بصورة تلقائية عفوية، وإنما نتيجة لتوافر القدوة المتمثلة في الأب والأم، أو الشقيق الأكبر، والتربية الإسلامية الصحيحة التي تغرس في نفس الطفل في سنواته الأولى حب القرآن الكريم، واحترامه، والرغبة في حفظه، والسعي للتفوق في ذلك، ومكافأة على إجادة الحفظ بالأسلوب الذي يدفعه للمزيد من الاجتهاد.
وفيما يعد انتصاراً واعترافاً بأهمية مدارس تحفيظ القرآن الكريم في جمع الشباب والناشئة على كتاب الله، وتشجيع التنافس في حفظه ودراسته، اتفق أكثر من (65%) من المتسابقين على أن نتائج حفظ القرآن الكريم في المدارس والجمعيات والمراكز الإسلامية أفضل من الحفظ في المنزل، من حيث الالتزام والمتابعة والإجادة، وذلك نظراً لما توفره هذه المدارس من مناخ التنافس في الحفظ والتلاوة والتجويد، في إطار من التخصص والتركيز، وبإشراف من كوادر مؤهلة.
وفي محاولة للتعرف على أثر البيئة المحيطة في إقبال الشباب والناشئة على حفظ القرآن الكريم، واختلاف ذلك بين القرى والمدن.. رصدت الدراسة حضوراً كبيراً لحفظة كتاب الله من أبناء القرى، والمناطق النائية خارج المدن الكبرى، بنسبة تجاوزت (50%) من المشاركين في المسابقة.
وتطرقت الدراسة إلى أهمية دور المساجد في التشجيع على حفظ القرآن الكريم من خلال انتشارها الكبير في المدن والقرى بالدول العربية والإسلامية، فضلاً عن إمكانية تنسيق مواعيد مناشط التحفيظ بها على مدار اليوم، حيث قال أكثر من (60%) ممن شملتهم الدراسة: إنهم بدؤوا الحفظ داخل حلقات التحفيظ بالمساجد والمراكز الإسلامية، بالإضافة إلى ما أتاحته هذه المساجد والمراكز من فرص منتظمة للمراجعة قبل وبعد الصلوات الخمس كل يوم.
وكشفت الدراسة الاستطلاعية من خلال تحليل المستوى العلمي والتعليمي للمتسابقين من حفظة كتاب الله أن الانتظام في حلقات التحفيظ لا يتعارض مع قدرة الطلاب على التحصيل العلمي في المدارس والجامعات، بل إنه يساهم في زيادة التحصيل العلمي والتفوق، حيث ثبت أن أكثر من (70%) من المتسابقين الذين بدؤوا الحفظ في سن مبكرة متفوقون علمياً، وحاصلون على المراكز الأولى في جميع مراحل التعليم.. وأن (60%) منهم سلكوا طريق التعليم الجامعي والأكاديمي، بما في ذلك الكليات العلمية، ومعاهد العلوم التطبيقية، وتفوقوا فيها، وهو ما يؤكد أن بدء الحفظ في سن مبكرة ينمي القدرات الذهنية للأطفال، ويزيد من استيعابهم لجميع العلوم بدرجة أكبر من غيرهم.
وامتداداً لارتباط حفظ القرآن الكريم بالتفوق العلمي.. رصدت الدراسة تمتع حفظة كتاب الله بقدر كبير من الاتزان النفسي والاجتماعي، والقدرة على تنظيم الوقت، وحسن الاستفادة منه، كذلك القدرة على مواجهة أي أفكار فاسدة أو هدامة، والنأي بأنفسهم عن مواضع الشبهات والمعاصي، وهو ما ينعكس بالإيجاب على علاقتهم بمجتمعهم، ومحبة الناس لهم، والثقة في آرائهم.. كما ينعكس أيضاً على رقي أداء هؤلاء الحفظة، وإتقانهم لأي عمل يقومون به، بما في ذلك الاستذكار وطلب العلم.
وحول أهمية المسابقات القرآنية في تشجيع الناشئة والشباب للإقبال على حفظ القرآن الكريم، وإتقان تلاوته وتفسيره، أشار ما يزيد عن (85%) من المتسابقين إلى أن فكرة التنافس والتسابق التي تتيحها هذه المسابقات تمثل حافزاً كبيراً لحفظ كتاب الله، حتى داخل نطاق الأسرة الواحدة، شريطة تحديد مواعيد هذه المسابقات بما لا يتعارض مع مواعيد الدراسة بالمدارس والجامعات.. حيث إن المنافسة بين طلاب حلقات ومدارس التحفيظ تأتي في صدارة العوامل المشجعة على الحفظ، وهو الأمر الذي يتضاعف عندما يكون التنافس عبر مسابقة دولية كبرى تمنح جوائز مالية وعينية ضخمة.
وطالب أكثر من (25%) من المتسابقين - في ثنايا الدراسة - بألا تقتصر جوائز المسابقات القرآنية على المبالغ المالية والهدايا العينية، مطالبين بتخصيص جائزة تشتمل على منحة دراسية في الجامعات الإسلامية لدراسة الشريعة والعلوم الإسلامية، بما يتفق مع تطلعات وطموحات حفظة القرآن الكريم، للعمل في مجال الدعوة للإسلام.. حيث أكد أكثر من (45%) من المتسابقين على جائزة مسابقة الملك عبدالعزيز الدولية لحفظ القرآن الكريم رغبتهم أن يكونوا دعاة إلى الله، بينما أعرب (35%) منهم عن آمالهم أن يكونوا أئمة أو مؤذنين.. كما أشار عدد كبير من المتسابقين إلى ضرورة أن تشمل المسابقات القرآنية فرعاً لحفظ الحديث الشريف، وعلوم السنة المطهرة، والسيرة النبوية العطرة.
وحول الصعوبات التي تواجه الحفظة أثناء المسابقات القرآنية.. أفاد عدد من المتسابقين بوجود بعض الصعوبات سيما ما يتعلق بأحكام التلاوة والتجويد، وهو ما يتطلب إتاحة الفرصة أمام المشاركين في المسابقات القرآنية للالتقاء بأعضاء لجان تحكيم خارج نطاق الفعاليات الرسمية، لتعريفهم بالأخطاء التي يقعون فيها، وكيفية تجاوزها، كما يتطلب الاهتمام بمستوى الكوادر العاملة بحلقات ومدارس التحفيظ، والقراءات.
وعن أنسب الأوقات لحفظ القرآن الكريم، اتفق (65%) من المتسابقين على أنه بعد صلاة الفجر، بينما قال (35%) منهم أنه بعد صلاتي العصر والمغرب.