سياسة تقديم القروض في المصارف تعد دائماً أساس المشكلة في كل اقتصاد، وهذا ما رأيناه من الأزمة المالية الحاصلة.
ونظراً للوفرة المالية خاصة في الدول النفطية نجد التوجه نحو تشغيل هذه الأموال في الولايات المتحدة أكبر اقتصاد عالمي والدولة المتميزة في اختراع المشتقات الاستثمارية للأموال إضافة إلى توظيف الفوائض الداخلة مثل دول الخليج والتوسع بالتالي في القروض الشخصية وتقديم التسهيلات اللازمة.
ولعل الفرق بين الفوائد التي تتحصل عليها المصارف السعودية ومثيلاتها في أمريكا أن المصارف السعودية تقرض الفائدة المركبة وتحدد القسط الشهري دون زيادة بينما المصارف الأمريكية فرضت زيادة دورية على المقترض بحيث لا يكاد يكمل عامين إلا وقد وجد نفسه يدفع أكثر من القسط الشهري الذي تم الاتفاق عليه وبالتالي مواجهته لمشكلة عدم الوفاء بالسداد وبالتالي ضياع أموال البنك المقدم للتسهيلات والمستثمرين من أمريكا وخارجها بعد الدخول في هذه القروض ومشتقاتها.
ونجد أن مؤسسة النقد قد فرضت على المصارف السعودية زيادة الاحتياطات إلى 13% في السابق حتى لا تتجاوز المعقول في القروض ورأينا في سنوات سابقة كيف أن بعض المصارف المحلية قد تجاوزت 75% من حجم الودائع في الإقراض.
وأرى أن الجميع قد نسي نكبة 2006 للأسهم السعودية ولم يبحث أحد عن تأثير ذلك على المصارف ولم نر الزوبعة التي تحدث الآن، لقد قدمت المصارف تسهيلات للمستثمرين بقيم كبيرة ودخلت عبر صناديقها إلى السوق بأموال الناس. ونرى أن هذه أموال مواطنين مودعين لم يفوضوا المصارف بالاستثمار بأموالهم كيفما شاءت. بل للحفاظ عليها وتعد الدولة كفيلا غارما تلتزم بإعادة أموال المواطنين في حال أساءت إدارة المصرف التصرف في الودائع.
والمملكة تتميز بقوة الإدارة والرقابة على المصارف التي تقع تحت إشراف مؤسسة النقل وقد ظهر أثر الأزمة في نتائج المصارف للعام 2006 و2007م بوضوح. ولأن المصارف تعد للتسهيلات فقد قامت ببيع كامل أسهم عملائها دون إذن بسعر السوق وهذا بالتالي زاد من جراح سوق المال. ونرى أن العملية تكررت مع الانخفاض الذي حدث الأسبوع الماضي.
وتبرز وسيلة إقراض أخرى وهي بطاقات الائتمان وتتعامل فيها البنوك بأسلوب غير جائز وهو فرض غرامات مالية بحيث تزيد قيمة السداد في حال تأخر العميل ولو شهرا واحدا إضافة إلى الأتعاب المالية التي تحصل عليها.
وإجمالاً نجد أن المصارف المحلية تتقاضى فوائد عالية سواء عبر القروض المباشرة أو غيرها بخلاف أي دولة أخرى لذلك نرى أرباحها تنمو بقوة.
وهناك أيضا أمر آخر لدى البنوك لم يتم الحديث عنه لقلة المعرفة وهو استثمار أموال المودعين عن طريق إدارة الخزينة في الأسواق العالمية وأعتقد أنها قد استثمرت مع البنوك الأمريكية بأرقام كبيرة ولم تظهر نتائجها حتى الآن وكان ينبغي إيضاح الموقف وعدم الصمت المفروض عليها.
ومن الأمور التي نرى أنها جيدة توجه المصارف إلى الاقراض بالمرابحة الإسلامية للمواطنين وبعض الشركات وهذا أمر جعلها تبتعد عن المشكلات التي وقعت فيها المصارف الأمريكية. ولعل التوسع في هذا النوع من القروض حتى يصبح شاملاً سوف يعزز من حركة الأموال والتنمية الاقتصادية في المملكة.
وأطلب من مؤسسة النقد أن تفرض على المصارف التأكد من التحول إلى المصرفية الإسلامية كخيار مثالي، وعدم تقديم تسهيلات في سوق المال إلا بشروط صارمة تمنعها من حق التصرف في أموال العميل، وإلزام المصارف بابتكار مشتقات استثمارية محلية يمكن من خلالها توظيف الأموال بشكل آمن وأخيراً أتمنى أن تلتزم أيضاً بالشفافية وعدم المجازفة بأموال المواطنين.