عندما نشرت موضوعا قبل أيام عن السياسة الإيرانية في المنطقة، ومدى خطورتها على البلاد، وتم نشر هذا المقال في بعض منتديات الإنترنت، ثارت - على ما يبدو - ثائرة بعض إخواننا الشيعة، وتناولوا فكرة المقال بالنقد غير المبرر. وأنا لا أعترض إطلاقا على نقد ما أكتب، بل أنتظر هذا النقد بكل رحابة صدر، فأستفيد من الرأي الآخر المتكئ على الحجة، ولا أكترث - إطلاقا- بالنقد الذي يقوم على الهجاء والسب والشتم لذات الكاتب. فالذي يشتم يعبر دون أن يعي عن (إفلاسه).
وأنا - أيها الأفاضل - لدي رؤية واضحة، أتعامل معها ك(ثابت) لا يقبل التنازل أو التراخي أو المناورة، مؤداها أن (الوطن أولا). لذلك فأنا أعتبر أن الإخوة الشيعة مواطنون، لهم كامل حقوق المواطنة دون أي نوع من أنواع الانتقاص بسبب انتمائهم الطائفي. ومن يعرفني يعرف أن هذه الرؤية أدافع عنها بثبات. ولكن عندما أجد أن الانتماء الطائفي لدى بعض السعوديين الشيعة - مهما كانت المبررات - سوف يتقدم على الولاء للوطن فسوف أقف بكل قوة، وربما (بشراسة) أيضا، أمام هذه التراتبية المرفوضة في أولويات الانتماء؛ ولا يهمني - بالمناسبة - التصريح بقدر ما تهمني (الممارسة) على أرض الواقع؛ كي لا نقع في احتمالية (التقية) التي هي وسيلة مبررة في الفقه الشيعي.
فإذا كان الجهاديون الإرهابيون (السنة) - مع تحفظي على التسمية - هم أعداء الوطن، فإن من يجعل الولاء ل(إيران) مقدم على الولاء للوطن من (الشيعة) هم - أيضا - خطر على بقاء الوطن ولحمته؛ أي أنهم (أعداء) أيضا؛ وهؤلاء وأولئك في النتيجة وجهان لذات العملة.
فمثلا عندما يصرح أحد (السنة) ممن يسميه طلابه ب(العالم)، بأن: (ابن لادن مجتهد، فإن أصابه فله أجران وإن أخطأ فله أجر واحد)، فسوف أقف بكل قوة ضده، كائنا من يكون، ولا يهمني إطلاقا أن يكون سنيا، أو شيعيا، عالما أو جاهلا؛ لأن من يقف مع ابن لادن، ويختلق له الأعذار والمبررات مثل هذا الشيخ، هو (عدو) لهذه البلاد، يجب فضحه، ونزع (القدسية) عنه، والتشنيع به، حتى إسكاته. كما أن العالم الشيعي، أو (المرجع) - كما يسمى هو الآخر - الذي جاء في أحد كتبه المعتمدة عند الشيعة ما نصه: (عن داود بن فرقد قال: قلت لأبي عبدالله عليه السلام: ما تقول في قتل الناصبي - وهو السني عند متطرفي الشيعة - فقال: حلال الدم، ولكني أتقي عليك، فإن قدرت أن تقلب عليه حائطا أو تغرقه في ماء فافعل لكيلا يشهد عليك) هو لا يختلف في النتيجة عن صاحبنا الذي يترافع عن ابن لادن، ويدافع عنه، ويتلمس له الأسباب لتبرير إراقته للدماء؛ أي أن هذا العالم السني، وذلك العالم الشيعي، هم دعاة قتل، وإرهاب، وخطر على الوطن الذي أعيش فيه، وسوف يعيش فيه أبنائي وأحفادي من بعدي؛ لذلك سأقف ضد الاثنين، أو من يردد أقوالهم، بكل ما أملك من وسائل.
وأرجو أن لا يعتقد (طائفيو) الشيعة، أن حماسهم ودعمهم وربما انضواءهم تحت الشعارات الوطنية، سيجعلهم يمررون طائفيتهم، وأخطر من ذلك (ولاؤهم) لإيران؛ فالثابت بالنسبة لنا (الوطن)، ومن يمس به وبلحمته، أو يتآمر عليه وعلى قوته ونفوذه أو مصالحه هو (عدو)؛ سواء كان من هؤلاء أو هؤلاء. ولا يهمني - بعد ذلك - التصنيف الذي يضعني الآخرون فيه. إلى اللقاء.