سلوك استهلاكي جديد طرأ على وسائل الاتصال في المجتمع.., فأنت إن شغلت عن هاتفك المتنقل معك لبرهة من الوقت.., ثم عدت لتفقُّد ما فاتك من الاستجابة لمناداة أهل أو أصدقاء أو طوارئ عمل، تفاجأ بجملة من الرسائل.., تحسب أنّها تنقل لك مضمون مهاتفة ما لم تجب مجريها من أولئك.., فإذا بك تقع في فخ الرسائل الدعائية والتجارية.., وكنت قد ناقشت هذا الاجتراء على أرقام المستفيدين من الخدمة وأيقنت أنّه سلوك هدر للوقت بين أن تقرأها وبين أن تلغيها، وبين أن تأخذ لك حيزاً في هاتفك كان ينبغي أن يفرغ لاهتماماتك الخاصة وذويك وأصدقائك أولئك الذين وحدهم من يملكون الحق الذي منحتهم بالتعامل مع رقم هاتفك.., ناهيك عمّا تشغره تلك الرسائل بأساليب عرضها المنوّعة.., ويبقى السؤال معلّقاً: من يمنح أولئك المستهلكين من خدمة الجوال أرقام المستفيدين من خدماته..؟ والإجابة ستبقى معلّقة طالما لم تبت شركة الاتصالات في الأمر وزجّت نفسها في منافسة مستوى الأرباح بعد ظهور شركات أخرى منافسة لها في السوق..,
ذكّرني هذا السلوك الاستهلاكي الطارئ بما يحدث في التعامل مع صناديق البريد الخاصة، إذ تم إيقاف إيداع أي رسالة ترد إليها ليست مسجّلة عند دفع رسوم الاشتراك في استمارة كان ينبغي للمستفيدين أن يتأكدوا وهم يسجلون أسماءهم كأصحاب بريد خاص أنّ ساكني بيوتهم من الأبناء والأحفاد لن يستلموا مراسلاتهم الخاصة إنْ لم تكن أسماؤهم في قائمة المرافقين وإنْ لم تدفع في مقابل ذلك قيمة هذه القائمة الإضافية من الأسماء بحيث يتحوّل البريد الشخصي لبريد عائلي..!! وليست رسوم الزيادة ذات بال، وإنما قد يكون صاحب البريد لم يستوعب بنود الاستمارة.. وينتهي الأمر إلى أنّ الأسلوب الربحي طغى في التعامل الاستهلاكي العام في مؤسسات المجتمع الخدمية.., بينما في جميع أنحاء العالم يصل البريد لعناوين البيوت دون مقابل..
ولإدارة البريد أن تتخيّل كم هاتفاً فصلت خدمته عن فرد لأنّ صاحب الصندوق الذي هو أحد أفراد أسرته لم يسجل اسمه في قائمة المشتركين فيه فتوقّف وصول فواتيره إليه.., وكم من الرسائل فقدت وهو لا يعلم عنها.., أليس في ذلك تعطيل للمصالح الفردية.., ؟
طوارئ يواجهها الفرد تحتاج لاستقرار في آلية التعامل.., وكما يريد البريد حصد ما قرّر من رسوم في فوارق البريد الشخصي والعائلي وأوقف إيداع مراسلات أي ممن لا ينطبق اسمه مع صاحب البريد الشخصي فلابدّ أن تمتنع شركة الاتصالات عن تزويد المستهلكين في دعاياتهم من الحصول على قوائم أسماء الأفراد.. لمزيد رحمة بالوقت ولمزيد تقدير للخدمة.. ولكلّ الاحترام للخصوصية..
يخيّل إليّ أنّ على إدارة البريد استمرار الإعلان للناس بضرورة الوعي بنظامها الذي يبدو لم يتنبّه له من الناس شرائح كثيرة.., وتدلهم من أين يحصدون مراسلاتهم التي توقفت عنهم.., أو تحديث البيانات لأصحاب البريد الشخصي ودفع الفرق بين الخاص والعائلي المشترك.., حيث دائماً ما تواجه حركات التغيير لأيّ نظام مثل هذا..,
وتبقى الاجتهادات في تطوير الخدمة مكان تقدير بلاريب..
فيما أؤكِّد بأنّ مسؤولية شركة الاتصالات حماية أرقام المستخدمين فهي في نطاق الملكية التي لا يحق انتهاكها.
و.. بين البريد والهاتف تطفو على السطح أنماط جديدة من أساليب الاستهلاك على الأفراد التنبُّه لها والاستعداد لمواجهتها..