في إحدى الدورات التدريبية وبينما كنت أعرض بعض الأنشطة للمناقشة إذ بإحدى المتدربات تتفاعل بشكل ملحوظ. سررت لذلك وطلبت منها إبداء ما لديها بعد أن تعرف باسمها، فما كان منها إلا أن غيرت ملامح وجهها البشوش، فعبس الوجه، وقطب الجبين، حاولت استشراف أمرها بتلطف، فهمست بصوت خافت بعتاب الخجول وقالت:
لقد ذكرت اسمي يا أستاذة في الدورة الماضية فلماذا أعيده الآن..؟!
كانت تلك العبارة من تلك المتدربة همسة إبداع بالنسبة لي حيث إنني أدركت أن على كل من يروم نجاح اتصاله بالآخرين أن يتقن مهارة حفظ الأسماء، ومن بوادر عتابها اللطيف أقدمت على إعداد دورة تدريبية في إدارة الذاكرة.
حيث إن ضغط العمل وكثافة من نقابلهم يومياً قد يرهق النفس فيعيق الذاكرة للقيام بوظيفة التخزين الهائلة التي وهبنا الله إياها.
هل يعرف الشخص إلا باسمه وهل تذيل الخطابات إلا بالأسماء وهل يقضى بين الناس إلا بالأسماء، وهل تروج الكتب إلا بأسماء مؤلفيها... فالأسماء تاج النفوس ومن ظفر بالتاج ظفر بما دونه، فكم يدفع التجار من ملايين مقابل صنع أسماء نيرة لهم ليكونوا محل قبول الناس.
وقد سئلت إحدى صاحبات الأعمال عن سر نجاحها فقالت: (بعد فضل الله ذلك لمهارتي في كسب القلوب قبل الفلوس، فمن أقصر الطرق لكسب القلوب التودد للآخرين بمناداتهم بأحب الأسماء إليهم).
ومع بداية كل عام نواجه شخصيات جديدة مما يشعرنا بحاجتنا الماسة إلى مهارات الحفظ الخارق والتغلب على داء النسيان الخطير، الذي يوقع بالإحراج، ويفوت الكثير من الفرص، ويعطي الآخرين انطباعا سلبيا عنا. خاصة أن الأبحاث تشير إلى أننا ننسى 30% مما نسمعه بعد 20 - د.
ومهما كان النسيان صفة جبلية في الإنسان ورحمة من رب الأنام، وتهيئة للذاكرة من كثافة التخزين، إلا أن تطور ذلك يعد خطرا ينبغي تفاديه.
ولن أبحر في فنون الذاكرة والبرامج المبتكرة لتقويتها، ولكن سأكتفي بذكر بعض المهارات الذاتية لمهارة حفظ الأسماء ونقلها من الذاكرة قصيرة المدى إلى الذاكرة طويلة المدى، فمن ذلك:
* الإصغاء الجيد والتركيز على لفظ الاسم مع عدم التواني في طلب الإعادة.
* التفنن، في إيجاد الروابط بين الأسماء وأبرز ما في الهيئة أو بأحب ما لديك.
* الاستشراف، لكيفية هجاء الأسماء والإبحار في معانيها فهذا أدعى للتثبيت.
* الاختلاق، أختلق كلاما طويلا وأطلب التأكيد مناديا لمحدثك باسمه.
* الكتابة، اكتب الاسم بورقة أو بهاتفك المحمول وأضف ما أعجبك من حديثه.
* التخيل، تخيل صورة محدثك مع اسمه في ذهنك أو في الهواء أثناء الحديث.
* التواصل البصري بشكل لطيف مصحوبا بالابتسامة.
يقول (سكوت هاغوود) مؤلف كتاب (قوة الذاكرة): (إن التواصل البصري يساعد على إدراك الحالة المزاجية للمتحدث مما يساعد المخ على الاحتفاظ بما يقال...) أ.هـ
م - ندى البكر
n-a-55-d-a@hotmail.com