Al Jazirah NewsPaper Friday  17/10/2008 G Issue 13168
الجمعة 18 شوال 1429   العدد  13168
التفكير خارج الصندوق
القطار والصغار

تخيل أنك في يوم من الأيام كنت تقود قطارا وبينما أنت سائرا لا تلوي على شيء قد سحرك جمال الطبيعة وأدهشتك تلك الحيوانات البرية التي تلهو من حولك يمنة ويسرة، فجأة رأيت أمامك مجموعة من الأطفال يلعبون على المسار الذي تسير فيه وكان هناك مسار آخر معطل مجاورا لهذا المسار يلعب عليه طفل وحيد وقبل 100م كان هناك مفترق طرق بإمكانك عنده أن تغير مسارك نحو السكة المعطلة.. وليس أمامك إلا ثوان وتقرر فأين ستوجه القطار؟

هل ستترك القطار يسير كما هو في مساره؟

أو تغير اتجاهه إلى المسار الآخر؟

ماذا ستختار؟

وما هي النتائج التي سوف تنعكس على هذا القرار؟

أغلبنا سيختار تغيير المسار مبررا هذا بأن التضحية بطفل واحد خير من مجموعة أطفال!

فهل هذا هو القرار الصحيح؟؟ دعنا نحلل الموقف سويا فربما تغير رأيك؟

هل فكرت أن الطفل الذي كان يلعب على المسار المعطل قد تعمّد اللعب هنا محتاطا ومتفاعلا مع التعليمات حتى يتجنب مخاطر القطار؟..

فهل من العدل أن يكون ضحية اهتمامه وحيطته؟ وفي المقابل أن الأطفال الآخرين مستهترون وغير مبالين عندما أصروا على اللعب في المسار العامل على الرغم من إدراكهم للخطر!!

هنا نقول إن القرار الصحيح هو عدم تغيير مسار القطار.. وذلك للأسباب التالية:

1- الأطفال الذين كان يلعبون في مسار القطار العامل يعرفون ذلك ويتوقعون مرور القطار في أي لحظة وغالبا أنهم سوف يهربون بمجرد سماعهم صوت القطار.

2- لو أنه تم تغيير مسار القطار فإن ذلك الطفل الذي كان يلهو في المسار المعطل سوف يموت بالتأكيد.. لأنه لم يخطر له في باله أن قطارا سيأتي من هنا والغالب أنه لن يتحرك من مكانه عندما يسمع صوت القطار ليقينه أنه يسير في المسار الثاني.

3- من المحتمل أن المسار المعطل قد أهمل وأصبح غير صالح للاستخدام وغير آمن وتغيير مسار القطار إليه لن يقتل الطفل فقط بل لربما عرض حياة الركاب جميعهم للخطر.. فمقابل إنقاذ حياة مجموعة من الأطفال لربما قتل مئات من الركاب.

مع علمنا أن حياتنا مليئة بالقرارات الصعبة التي يجب أن نتخذها لكننا قد لا ندرك أن القرار المتسرع عادة ما يكون غير صائب؛ لذا مارس مهارة التحليل والتأمل وحساب المكاسب والخسائر ولا تكن أسيرا لمشاعر اللحظة الضاغطة أو التجارب والخبرات القديمة.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد