توقع الكثير من المحللين أن تكون الخطوة الدولية الكبرى لإنقاذ المصارف ستعزز الثقة في أسواق المال وتمنحها حقنا من الأنسولين، وما لبثت أن ارتفعت الأسواق بشكل كبير في يومين فقط ليتم الإعلان عن دخول الاقتصاد الأمريكي في الكساد حتى ذهبت الأرباح أدراج الرياح.
حالة من الضعف والخوف الكبير يكتنف الاقتصادي الأمريكي. فسوف يزيد عدد العاطلين عن العمل بإقدام الشركات الكبرى على فصل عشرات الآلاف من موظفيها مع ذهاب مدخرات العاملين في سوق المال.
وسوف تزداد الأمور صعوبة عندما يستقبل سوق المال الأمريكي إعلانات من الشركات العملاقة تؤكد انخفاض الأرباح وتوقعها مستقبلاً صعباً.
ما هي الآثار المترتبة على ذلك كله. سوف يقل الطلب على النفط وتتجه أسواق المال إلى الضعف من جديد ويصبح المواطن الأمريكي في حال لا يحسد عليها كما اعتاد.
أما بالنسبة للأسواق الأخرى كالخليجية فإن أسواقها المالية عادت إلى الهبوط من جديد بعد إعلان دخول الاقتصاد الأمريكي في مرحلة الكساد. وسوف يعاني الاقتصاد الخليجي من أمرين مهمين هما انخفاض سعر النفط وانخفاض سعر الدولار لو استمر، على الرغم من ارتفاعه في المدة القصيرة الماضية، لذا يجب على دول الخليج أن تضع الاحتياطات اللازمة لمواجهة هذه المشكلة على الرغم من أنني لا أتوقع وقوف أوروبا متفرجة حتى يعادل سعر اليورو دولارين. إلا أن التفكير في الأمر والاجتماع المتواصل بين دول الخليج لوضع حلول سريعة وخطة طويلة الأمد محكمة التنفيذ لتجنيب الاقتصاد الخليجي عدوى الكساد، وأن تكون هناك شفافية عالية وحرص على تحقيق نتائج صحيحة لا تحتمل الخطأ، وأن يتحمل المواطن الخليجي تبعات أخرى فوق التي تحملها سابقاً جراء التضخم.
التدخل من حكومات الخليج ينبغي أن يكون سريعاً وشاملاً لكل الأنشطة الاقتصادية بدءاً من سوق المال حتى لا تتعرض هذه السوق إلى انهيارات أخرى لا يستطيع أحد إيقافها خاصة لو استمر الكساد الأمريكي وانخفض الدولار والنفط.
وعلى الرغم من ذلك الحديث الذي أرى أنه اتسم بالحذر إلا أن التفاؤل قد يظهر لنا بعد أن تجد سوق المال القاع المناسب لها، لتعاود الصعود ولكن هذه المرة بشكل مستمر دون توقف مثل ما كان يحدث سابقاً، ولعل التجارب الصعبة دائماً مفيدة لأخذ الدروس.