عبدالعزيز الشاهري
أغلق المؤشر العام للسوق السعودية يوم الأربعاء الماضي على مستوى 6160 خاسرا 93 نقطة فقط بعد أن قلصها إلى هذا الحد متأثرا بخبر تخفيض الفائدة في بعض المراكز المالية العالمية وقد تراجع حتى لامس مستوى 5696 .
وقد نشطت السيولة حتى تجاوزت 7 مليارات وقد قلصت جميع القطاعات الخمسة عشر قطاعا نقاطها الحمراء وأغلقت منها ثلاثة قطاعات على ارتفاع وهي قطاع الإعلام والنشر بارتفاع 5.38% على المستوى اليومي ثم قطاع المصارف الخدمية ثم قطاع الأسمنت وباقي القطاعات الثلاثة عشر أغلقت على انخفاض مقارنة بيوم الثلاثاء بتفاوت بينها في نسبة الانخفاض وسنأتي إلى بعض تفاصيلها.
تختلف القطاعات بعضها عن بعض من حيث قوة التأثير على نقاط المؤشر ارتفاعا وانخفاضا ولهذا فسنتطرق إلى أهمها تأثيرا وهي قطاع الصناعات البتروكيماوية وقطاع المصارف الخدمات المالية وقطاع الاتصالات وتقنية المعلومات وقطاع الأسمنت وقطاع الطاقة والمرافق الخدمية ولا يعني هذا تهميش بقية القطاعات ولكن قد لا يتسع المكان للتطرق إليها جميعها.
أولاً: قطاع الصناعات البتروكيماوية
وهو من أهم القطاعات المؤثرة بقيادة سابك المحرك الأساسي لها وللسوق بشكل كبير، فقد أغلق على المستوى اليومي منخفضا 81.78 نقطة فقط وبنسبة تغيير سالبة تعادل 1.51% وكان متراجعا يوم الأربعاء تراجعا حادا إلا أنه قلص خسائره بواسطة ارتفاع شركة سابك من مستوى 77 إلى ما فوق 90 ريالا وقد أغلق القطاع بشمعة عاكسة اتضح فيها قوة شراء بعد منتصف التداول وخاصة على شركة سابك ولكي نحكم على إيجابية القطاع من سلبيته فلابد من مراقبة قائدة والمحرك الرئيس له (سابك) وحين عودتها مرة أخرى إلى كسر مستوى 77 ريالا فسيظل القطاع في وضعه السلبي رغم أنه لايزال في قناته الهابطة منذ تراجعه من نقطة 10035 وحتى آخر إغلاق تداول حيث لامس يوم الأربعاء مستوى 4879 نقطة وأغلق على مستوى 5335 .
ثانياً: قطاع المصارف.. الخدمات المالية
وقد تراجع بصورة حادة يوم الأربعاء حتى لامس مستوى 14897 نقطة ولكنه سرعان ما ارتد منها بسبب خبر خفض الفائدة في بعض المراكز المالية العالمية حتى أغلق باللون الأخضر على مستوى 16534 نقطة وأغلق بشمعة شراء عاكسة للاتجاه تحتاج إلى تأكيد لأكثر من يوم وما لم تتأكد بشمعتين خضراء تصحبهما سيولة عالية فلا يعد الارتداد ارتدادا موثوقا فيه بل يعد ردة فعل لإيجابية خفض الفائدة بشكل عام على الأسواق العالمية وبالتالي يتأثر سوقنا بتأثرها سلبا أو إيجابا وقد أعلنت الكثير من المصارف عن نتائجها للربع الثالث فكان جلها إيجابيا مقارنة بالربع الثالث 2007م وكان من المفترض أن يتفاعل هذا القطاع مع نتائجه إلا أنه ساير السوق في تراجعه مثله مثل بقية القطاعات.
قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات
وهو قطاع محلي ليس له علاقة مباشرة بما يحدث بالتراجعات العالمية إلا أنه هو الآخر فضل مسايرة القطاعات الأخرى في تراجعاتها فتراجع دون أي مبررات وخاصة من قائدة الأول الاتصالات التي تتمتع الشركة بمكرر ربحي منخفض جدا يعادل 8.76 وكذا اتحاد الاتصالات مكرر ربح بـ11 مرة وأيضا شركة زين وبقاؤها في مناطق سعرية متدنية إلا أن القطاع برمته تأثر تأثرا مبالغا فيه دون أي مبررات تذكر وأغلق على مستوى 1839 ولايزال في مساره الهابط ولا يعود إلى الإيجابية حتى يتجاوز مستوى 2220 نقطة بثبات لأكثر من أسبوع.
قطاع الطاقة والمرافق الخدمية
وهو قطاع ليس به سوى شركتين اثنتين فقط هما شركة الكهرباء وشركة الغاز فبارتفاع الأولى يسجل القطاع نقاطا خضراء وبانخفاضها يسجل نقاطا حمراء وقد تراجعت شركته القائدة لزميلتها حتى أدنى من مستوى قيمتها الاسمية وقيمتها الدفترية وسجلت أقل سعر لها منذ 2006م عند مستوى 9.35 ريالا علما بأن القيمة الاسمية 10 ريالات والقيمة الدفترية 11.42 ولايزال القطاع في مساره الهابط ولا يدخل في الإيجابية ما لم يتجاوز 3945 نقطة علما بأنه يقف الآن عند مستوى 3598 ولاتزال مؤشراته سلبية مثله مثل بقية معظم القطاعات إلا أن كثير منها يقع في مناطق منخفضة.
قطاع الأسمنت
وهو القطاع الاستثماري الذي يتميز بانخفاض مكرره الربحي على معظم شركاته بمتوسط عام يساوي 9.47 وقد تأثر تأثرا سلبيا في أسعار شركاته وكان تأثره غير مبرر فهو يحظى باهتمام الكثير من المحافظ الاستثمارية التي تسعى لأخذ ما توزعه الشركات من أرباح نقدية سنوية أو نصف سنوية والقطاع فنيا في مناطق محايدة نوعا ما قد لا يتراجع بعدها كثيرا وحتى وإن تراجع فقد يكون ارتداه سريعا مع أي ارتداد لنقاط المؤشر وهو يقف الآن عند مستوى 4072 ويدخل في الإيجابية بتجاوزه مستوى 4330 نقطة تقريبا وذلك في حين تجاوزه الوتد الهابط وكان إغلاقه يوم الأربعاء الماضي بشمعة شراء عاكسة تحتاج إلى تأكيد بشمعة شراء أسبوعية خضراء.
أما بقية القطاعات فتراجعها سريعا مع نقاط المؤشر سواء ارتفاعا أو انخفاضا وقد أثبت قطاع النقل وقطاع الاستثمار المتعدد سرعة تأثره وذلك من خلال ارتفاع السريع حين ارتفاع المؤشر وانخفاضه حين انخفاض نقاط المؤشر.
والخلاصة مما تقدم هي أن القطاعات بشكل عام لاتزال في مسارها الهابط وقد ارتدت يوم الأربعاء متأثرة بخبر خفض الفائدة عالميا وارتدادها يحتاج إلى تأكيد أسبوعي ولا يكفي ارتدادها ليوم أو يومين وتظل مراقبة الأسواق العالمية والمجاورة أمر ضروري وخاصة للمضارب إلا أن المستثمر الذي يسعى لأخذ ما توزعه الشركات من أرباح نقدية فعليه دراسة الشركات دراسة مالية فيما يخص المكرر الربحي والنمو المستقبلي القادم.
السوق وثقة المتداولين
حينما تراجع المؤشر العام مؤخراً من مستوى 10000 تقريباً، وتراجع حتى اقترب من مستوى 7000، ومنها ارتد ارتداداً فنياً كان يتوقعه الكثير من المتداولين والمحللين، الفنيين منهم والماليين، حينها حصل ما حصل حول الاقتصاد العالمي بصورة واضحة للجميع، وعمّ الضجيج معظم دول العالم، وخرج من خرج عالمياً مطالباً بدعم اقتصاده ليس فيما يخص عالم الأسهم فقط بل الاقتصاد بشكل عام، وما الأسهم إلا جزء من أجزائه، وكان المؤشر السعودي يتذبذب بين 7000 و8000 نقطة، وكان في مناطق جيدة للتجميع، إلا أنه ذهب مع من ذهب، وتراجع تراجعاً غير مبرر، تراجعاً مبالغاً فيه بصورة كبيرة لدرجة أنه يُفتتح في بعض أيامه بنسب دنيا حمراء دون ترك الفرصة لمن يريد الخروج، وبالخروج منها تلاشت الثقة حتى كادت تنعدم عند الكثير من المتداولين، ليس الثقة في أنفسهم بل الثقة في السوق ومساره بشكل عام. وانعدام الثقة أمر خطير؛ فقد لا تعود بتلك السهولة التي يتوقعها بعضهم؛ ولهذا شحت السيولة لدرجة عالية، وكان هناك عزوف شبه جماعي دون اتفاق جماعي عن الشراء حتى وإن كانت الأسعار جذابة والمكررات منخفضة، وقد رأينا كيف أن هناك إعلانات إيجابية لبعض المصارف، إلا أنها لم تغير ساكناً ولم تزرع شيئاً من الثقة في نفوس المتداولين، وأصبح الكثير يصب اهتمامه بالأخبار العالمية ومتابعة أسواقها، ولم يحدث هذا بين يوم وليلة، وإنما حدث حينما شاهدوا الأسواق تتبع بعضها وخاصة في سلبيتها، فتجد المتداول قبل اتخاذ قراره في الشراء أو في البيع يسأل ويبحث عن إغلاقات الأسواق المجاورة والأسواق العالمية، وحقيقة حُق لهم ذلك، وخير دليل تداول الأربعاء حينما تم خفض الفائدة من بعض المراكز المالية العالمية، فقد تفاعل السوق مع هذا الخبر تفاعلاً إيجابياً، ولم يتفاعل مع الأخبار المحلية سواء أكانت على الشركات أم كانت على السوق والاقتصاد السعودي بشكل عام من تصريحات بعض المسؤولين. وللتأكد من ذلك يمكن متابعة تداولات اليوم السبت رغم أن هناك سيولة دخلت يوم الأربعاء، وكانت سيولة شراء واضحة وفي الشركات الاستثمارية، وتكونت بها شمعة عاكسة للاتجاه، وتجاوزت السيولة 7 مليارات، وبناء على تداولات الأربعاء يُفترض فنياً أن يواصل السوق ارتفاعه السبت والأحد على الأقل، ولكن هل يسير السوق على ما تم تداوله الأربعاء؟ أم يلجأ إلى متابعة الأسواق الأخرى؟ وعليه يمكن القول إن السوق يتأثر بالأسواق الأخرى واليوم إن تراجعت فقد يتراجع وإن استقرت أو ارتفعت فسيكون مكسواً باللون الأخضر، فمتى يستقل بذاته دون متابعة غيره؟ نعم الأسواق مترابطة ودائماً الأسواق الحديثة أو الوليدة تتأثر بما حولها أكثر من غيرها، ولكن هناك الكثير من الشركات لا علاقة لها بتلك الأزمة؛ فنشاطها وإنتاجاها وتنافسها محلي، إلا أنها سايرت بقية الأسواق والشركات؛ ولهذا ما لم يستقل سوقنا فستظل الثقة معدومة ومزعزعة، ويظل السوق متذبذباً وغير موثوق فيه من المتداولين.
محلل فني
alshahry55@hotmail.com