أشعر بسعادة بالغة وبدرجة لا توصف حينما أستمع إلى (شهادات شكر وتقدير) نابعة من قلوب صادقة.. لا تبحث عن المديح الزائف.. وإنما هي تحكي الواقع بحق أشخاص يمثلوننا في الخارج.. أبعدتهم الغربة عن الوطن والأهل والأصدقاء.. وكانوا خير سفراء لمملكتهم الغالية.. هناك تجدهم (قريبين جداً) من أي مواطن زائر لتلك الدولة بصفة رسمية أو شخصية.. يعملون ليل نهار على إحساسهم بأن سفارة مملكته بمثابة بيته الأول.. تحرص على خدمته قدر استطاعتها.. تذلل له الكثير من المصاعب التي قد يواجهها.. حقيقة في الآونة الأخيرة لمست عن كثب تغيرا جذريا.. يتجه المؤشر نحو الإيجابية.. ذلك أن أكثرية سفاراتنا في الخارج نجدها أشد حرصا على بناء علاقة ثقة مع المواطن الذي كان من قبل يفكر ألف مرة ويتردد خوفا من زيارة سفارته.. ولو بهدف تسجيل جواز سفره لحمايته في حالة فقدانه!
** لا شك أن هذا التغير الواضح في طبيعة علاقة المواطن بسفارة بلده في الخارج التي ارتكزت على الثقة المتبادلة جاءت كنتيجة حتمية ومباشرة.. استجابة لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين الذي أكد - حفظه الله ورعاه- في أكثر من مناسبة على أهمية التمثيل المشرف لسفارات المملكة وخاصة بما يتعلق برعاية وخدمة مصالح أبناء الوطن واعتبار السفارة في تلك الدولة بمثابة - الملاذ الآمن - له!
** وبكل صدق وأمانة فإنه من خلال عدة - سفريات- رسمية وخاصة قمت بها لمجموعة من الدول.. التقيت خلالها أعضاء سفارة وطني.. وجدت الترحاب والحفاوة وكرم الضيافة وكل ألوان وصنوف الدعم المعنوي.. وكان من الواجب على إعلامنا تسليط الضوء على السفارات النشطة التي تحظى دائما بالقبول الإيجابي والسمعة الذهنية الجيدة عبر توارد الانطباعات وتسجيل المواقف المشرفة لها اتجاه أي مواطن!
والحمد لله.. إذا كانت سفاراتنا قد فتحت أبوابها لاستقبال مواطنيها برحابة صدر.. وقدمت كافة التسهيلات وذللت الصعاب في طريقهم.
** في إحدى ليالي الشهر الفضيل العامرة بالمحبة والإيمان وتعداد محاسن وفضائل الآخرين.. كنت أستمع إلى أحدهم متحدثا بتقدير وإعجاب حار بسعادة سفيرنا السعودي في بكين الإنسان يحيى بن عبدالكريم الزيد مثمنا دوره الكبير وأعضاء السفارة.. وأريحيته.. وأخلاقه العالية وتواضعه الجم.. فضلاً عن كرمه الأصيل الذي يجسده كحائلي شمالي.. لم يتنازل عن تلك الصفة خارج الحدود!
** كان السفير الزيد طوال فترة الصيف يعد الترتيبات لاستقبال بعثة المملكة المشاركة في أولمبياد بكين.. وقام بمهام وأعباء كبيرة إذ كان يسهر الليالي من أجل توفير مشاركة إيجابية وكان يمضي جل وقته بهدف خدمة ورعاية شباب المملكة..
** السفير الزيد لم يستطع أن يسترد نفسه بعد عناء الأولمبياد.. فما إن خرج من بوابته.. حتى دخل من بوابة أولمبياد آخر.. والخاص بدورة ذوي الاحتياجات التي سجل فيها بطلنا السعودي أسامة شنقيطي حضورا مشرفا ولافتا بانتزاعه ميدالية ذهبية وأخرى فضية.. لقد كان سفيرنا منذ وصول وفد المملكة المشارك في أولمبياد المعاقين لبكين حاضرا بكل مشاعره وقد ترجم ذلك الإحساس بصدق وعفوية في تصريح له بصحيفة الشعب الصينية مؤكدا على تواجده في كافة فعاليات الدورة وبشكل أفضل مما كان عليه في أولمبياد الأسوياء معتبرا تشجيعه للمتنافسين وخاصة من أبناء وطنه واجبا يمليه عليه ضميره ولكي يشعرهم بأنهم قادرون على المنافسة الجيدة وصنع المعجزات.. لقد كان لهذا التصريح الإيجابي دافع مؤثر في تعزيز روح العزيمة والإصرار بين أفراد البعثة السعودية.. وتجسد ذلك في مواقف السفير الأخوية والوطنية.. فكان حسن التعامل من طيب المعشر.
** قريبا جدا من اللاعبين.. يحفزهم لتحقيق الانتصارات ببث روح التحدي وإثبات الوجود.. لم يكن السفير الزيد متواجدا بمفرده في الملاعب.. فإلى جانبه هناك أولاده.. وأعضاء السفارة والطلبة الدارسون في بكين!
** الكلام أعلاه.. خواطر وانطباعات رصدها أحد أعضاء وفد المملكة لذوي الاحتياجات الخاصة الذي عاش أجواء المناسبة التي أقيمت أيام الشهر المبارك.. ويمضي قائلاً.. كان السفير يدعونا دائما لمشاركته الإفطار على سفرته الرمضانية العامرة بأصناف مختلفة من المأكولات السعودية..
وإن لم نتمكن من تلبية دعوته بسبب منافسات الدورة التي تقام بعضها قريبا من وقت الإفطار.. فإنه بمجرد الوصول إلى السكن في القرية الأولمبية.. تكون (حافظات) الأكل التي أشرفت على إعدادها وتجهيزها (حرم سعادة السفير) قد سبقتنا في الوصول.. فماذا أقول بعد هذا من كلام مناسب؟!
لكن.. استدرك.. وقال: ما إن علم السفير بأن البطل أسامة شنقيطي خريج جامعة منذ ثلاث سنوات.. ولم يلتحق بوظيفة.. فقد كان أول من بادر في تكريمه مادياً بعد إنجازه الذهبي حيث احتفى بالوفد في منزله بهذه المناسبة وقدم له هدية قدرها عشرة آلاف ريال باسم زوجته وأولاده تقديرا له على تحقيقه انتصارا للوطن.
** أحسنت يا سعادة السفير يحيى بن عبدالكريم الزيد.. (بيض الله وجهك) وأكثر الله من أمثالك.. وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟!
** وسامحونا!!