من حيث لا تدري أدانت لجنة الانضباط بالاتحاد السعودي لكرة القدم نفسها بنفسها، وقدمت بعدم نقل مباراة النصر والاتحاد لملعب الأخير وإقامتها بالرياض بلا جماهير ما يثبت أنها مارست الإجحاف بالموسم الماضي بحق الهلال وأضرت بالزعيم ومنحت العميد فرصة الاستفادة من موقف لا ناقة له ولا جمل فيه، وأخلت بمبدأ تكافؤ الفرص بنقل إياب بطولة كأس خادم الحرمين الشريفين للأندية الأبطال بدوره نصف النهائي من الرياض إلى جدة.
* ما حدث بمكة تكرر بصورة كربونية بالدمام وإن اختلفت حدة التصرف ونوعيته ومَن أشعل شرارته، ففي حالة النصر كان المشهد مؤلماً وعنيفاً لدرجة لا يمكن تصوره، والأدوات المستخدمة بغاية الخطورة، والمبادرة انطلقت من الجانب الأصفر، فيما وبحادثة الشرائع كان تصرف الجماهير الهلالية ردة فعل على شغب بدأته جماهير المنافس، ولم ينتج عنه توقف المباراة، وانحصر بمحيط محدود من جنبات الملعب، ولم يتطور لقذف أدوات خطرة داخل المستطيل الأخضر.. والمفارقة أن العقوبة بالحالة الأولى مغلظة لدرجة القسوة، فيما بأحداث النصر والاتفاق مخففة ولا تتناسب مع تجاوز آثار الخوف والرعب إلى تهديد سلامة الجماهير واللاعبين والحكام الذي استمر بعد نهاية المواجهة وانتقل إلى مواقف الحافلات لتأخذ حقها من الإتلاف والعبث غير المسؤول.
الغريب أن عقوبة الهلال أشبعتها لجنة الانضباط شرحاً وتفسيراً، وأرفقت معها نص المواد، وهو ما أوقعها بحرج كبير باعتبار أن نص المادة 30-1-9 الفقرة - ب - 1 من لائحة المسابقات والعقوبات بالاتحاد السعودي لكرة القدم غير معنية بالفصل بمثل ما حدث بملعب الشرائع، ووضح إغفال نص آخر يشير صراحة إلى أن العقوبة المفترضة إقامة المباراة بملعب محايد أو بنفس مكانها وبلا جماهير، فيما صدرت عقوبة النصر مبهمة ودون الإشارة والاستدلال بنص اللائحة والاكتفاء بتعقيب مفاده أن التناقض ما بين القرارين فرضته التعديلات الجديدة بلائحة العقوبات دون ذكرها ليطلع عليها المتابع التي لم يسمع عنها الشارع الرياضي ولم تزود بنسخة منها الأندية؛ ما يثير الشك حول مصداقية هذا التبرير ويعزز فرضية أن القرار السابق فصل بعناية لدعم حظوظ الاتحاد بالتأهل للنهائي وإزاحة الهلال من طريقه، واستثماراً لمثالية الهلاليين وصمتهم واحترامهم للقرارات مهما كانت قسوتها وتأثيرها لردع البقية والحد من مظاهر الشغب.
* عموماً لجنة الانضباط أدانت نفسها بنفسها وقدمت بعد ستة أشهر ما يثبت بالدليل القاطع أنها تدار بطريقة لا تتواءم مع النقلة الاحترافية، وأن بنودها تفسر بمزاجية يرفضها المنطق وتتأثر بما يلي بعض المباريات من تصاريح تتصف عادة بالحدة وتكون أشبه بالحملة الوقائية وتأتي استباقية لإحراج اللجنة ووضعها أمام محك واختبار لم تستطع ببالغ الأسف تجاوزه بدليل تناقض قراراتها وتباينها برغم وجه الشبه الكبير ما بين أحداث موثقة بالصوت والصورة، برغم ما تحظى به لجنة الانضباط بوجه خاص من دعم أمير الشباب وسمو نائبه الحريصين على التعامل مع جميع الأندية صغيرها وكبيرها على حد سواء ووفق معيار منصف ومبدأ ثابت.