من الذين يأتوننا في المواسم...
نتبع معهم طرقات المطر..
نفتح بتنبؤاتهم خزائن ملابسنا.. فتلك لموجة عتية باردة..
وهذه للفحة زمهريرية حارقة...
وتتباهى نفوسنا حين ربيعية يد ستمسح عن وجوهنا رهق الحر أو سطوة شمسه...
يعرفنا بالأنواء.. ومواليد السماء.. وأموات الأجرام الصغيرة وسديم الفضاء وعتماته وإشعاعاته... وتقلباته وأحواله..
وكنت أتتبع بشغف كل الذي يقول...
جبر الدوسري الفلكي النبيه والعارف بوعي للمعلومة التي يدلي بها وما كان يخيب ظننا فيما يخبرنا...
وكثيراً ما تناغمت عباراته وأسلوب تحليله مع مفرداتي...
حين نتفق على استخدام مفردات الضوء والعتمة والسديم والنوء والأديم والفضاء والبريق واللمعة والندى والزخات والنمو والتوالد والرؤية والرؤى والمدى والفضاء... والطيف والعبور... والسديم والأديم..
كنت أرسلها طليقة في مدى خصيب من الرؤى وكان يوظفها أمينة في تقنين حالة علمية لهذا المدى...
جبر الدوسري الفلكي الذي بقي وغادر وهو لا يدري بشغف متابعتي ولا بعميق تقديري...
وكثير من الذين نقدرهم بصمت يغادرون أديمنا وهم لا يدرون بينما نبقى لهم في الذاكرة بصمات ما تركوه من عمل جليل وجميل..
بالأمس فضضت صحائفي الورقية ألتقط ما فاتني فوجدت في عدد ثاني أيام العيد في الجزيرة أنه قد غادرنا نحو فضاء أوسع تحفه الملائكة برحمة الله حيث النور الذي تتبعه.. وحيث عظمة الله تعالى التي رصدها.. وحيث ملكوت جنان الله التي ندعو الله تعالى أن يجعلها مأواه...
عالم جليل واصلنا بعمل جميل طيلة ردح من الزمن فقدته البلاد قبل العباد... والعلماء فيها قلة.. والتأسي على فقدهم واجب...
رحمك الله يا جبر بن صالح بن جمعة الدوسري.. عالم الفلك الذي لن تطوى صحائفه من تاريخ علماء هذا الوطن.. وأنزل عليك الماء والثلج والبرد وجعلك في روضة من رياض الجنة...
رحمك الله وجبر فيك المصاب...
عزائي موصول لأهلك... وذويك... ولجريدتك الجزيرة ومتابعيك... وللأخ الكريم شقيقك عبدالله بن جمعة الدوسري رئيس شركة أرامكو... ولتلاميذك... ولكل من أبحر معك في فلك الله العظيم حيث لا يُنفذ له إلا بسلطان علم جعله الله في ميزانك شاهداً لك للجنان... و{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.