كلما سمعت بكلمة (أزمة) تذكرت صديقين عزيزين لهما علاقة وطيدة (بالأزمات!!)، فالأول كويتي وهو الصديق عادل الخبيزي، والثاني سعودي وهو الدكتور فهد الشعلان عميد معهد التدريب في أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية سابقاً ورئيس تحرير المجلة العربية للدراسات الأمنية والتدريب، وهو بالإضافة إلى منزلته العلمية فهو أحد القيادات الأمنية التي تعني بالأبحاث والدراسات المتعلقة بالأمن، كما أنه يحمل رتبة عالية (عميد) في القطاع الأمني. وأقول إنني كلما سمعت بمفردة أزمة تذكرت هذين الصديقين لأن كلاً منهما قد أصدر كتاباً ولربَّما دراسات متخصصة في (إدارة الأزمات).
وقد تناول كل منهما هذا الموضوع الحيوي المهم بكل دراية واقتدار من حيث (الأسس والمراحل والآليات) كما فعل الدكتور فهد، ومن حيث الافتراضات والحلول كما فعل الخبيزي. أي أنهما يفترضان وقوع أزمة كبيرة ويطرحان أسس تلافيها أو معالجتها عند الحدوث. وهذا المبحث المهم - برأيي - هو ما يجب أن يُدرَّس للطلبة في المدارس والمعاهد (المدنية والعسكرية) على حد سواء، وأعني كيفية إدارة الأزمة مهما كانت تلك الأزمة، سواء أكانت محلية أو إقليمية بل وحتى عالمية.
أما لماذا تذكرت الصديقين و(أزماتهما)، فلأنني لم أجد جواباً شافياً يجيب على سؤال: ما العمل لو استمرت الأزمة الاقتصادية في أمريكا ونالنا -لا سمح الله- شرارها؟! أي أننا بحاجة إلى إدارة أزمة اقتصادية مسبقاً، وكذلك الحال: ما العمل لو أن إيران أغلقت مضيق (هرمز) كما تهددنا دائماً؟ ومع أنني حقيقة لا أفهم في الأمور الاقتصادية ولا كيف تدار سواء أكنا في أزمة أو لم نكن في أزمة، إلا أنني فيما يخص إغلاق المضيق إياه قد قرأت اقتراحاً استباقياً بعيد النظر طرحه الفريق ضاحي بن خلفان رئيس شرطة دبي في ندوته الأسبوعية خلال شهر رمضان وتناقلته أكثر الصحف الخليجية، إذ يقول خلفان.. هو بالمناسبة من أكفأ رجال الأمن في الخليج ومن أبعدهم نظراً ومن أكثرهم إخلاصاً لوطنه وأمته كما تعود المثقف العربي على أطروحاته وكتاباته النيرة في صحافة بلاده. أما اقتراح الفريق خلفان فهو شق قناة خليجية جديدة تمتد من رأس الخيمة بل وأي إمارة من الإمارات العربية المتحدة إلى أن تصل إلى خليج عمان أو بحر العرب، وبذا يتحرر الخليج من التهديدات الإيرانية منذ عهد الشاه وحتى اليوم. ومع أن الفكرة ليست مستحيلة فهي على الأقل (أقل من طول قناة الصنادل الأمريكية التي يبلغ طولها 844كم، وأقل من القناة الصينية التي يبلغ طولها 1600كم، وأسهل لربَّما من قناة السويس التي نفذها المهندس الفرنسي دي ليسبس لتربط بين البحر الأبيض والبحر الأحمر، وكذلك الأمر ينطبق على قناة بنما التي تربط المحيط الهادي بالمحيط الأطلسي). كما أن حفر هذه القناة في زمن الازدهار النفطي الذي تنعم فيه المنطقة الآن سيكون إرثاً اقتصادياً للأجيال القادمة، كما أنها هي المخرج الخليجي الوحيد من التهديدات الإيرانية على مرِّ العصور، مع أن أي عاقل يعرف أن أهمية هذه القناة ومهما كانت تكاليفها هي على الأقل أهم من (القنوات) الفضائية التافهة التي تدار برأس مال خليجي. أو بمعنى آخر بربكم أي (القناتين) أهم الفضائية أم الأرضية..؟ ذلك هو السؤال.