Al Jazirah NewsPaper Thursday  09/10/2008 G Issue 13160
الخميس 10 شوال 1429   العدد  13160
ليتني أعود طفلة

طالما تمنيت أن أعود للبراءة...

للطفولة..

طالما تمنيت لو أني بقيت طفلة ولم أكبر...

طالما تمنيت أن أرمي هموم الدنيا وراء ظهري...

وأعود لأضم دفتري وألواني...

والكبار يتنازعون من حولي لا أفهم ما يقصدون...

أفخر إن رسمت شجرة أو تفاحة...

ولا أكتفي بذلك بل أريها كل من يقابلني...

وأغوص في عالمي الوردي...

أبكي إذا لم يلب لي طلب...

وأجري خلف أمي أطلب لعبة أو قطعة حلوى...

تتفجر فيني مكامن الموهبة...

دون أن أشغل بالي بماذا تقول فلانة...

أبكي لأتفه الأسباب...

وأتذوق طعم البكاء بسعادة لا يعرفها إلا أنا...

أحب أن ألفت إلي الأنظار...

لكي ينتبهوا لوجودي...

ولا أأبه بهمزهم ولمزهم بسبب عدم مناسبة الموضوع لسني...

رغم إحساسي بما يخفى عني...

أدوس اهتمامي به...

وأجري للعب مع الأطفال...

وأجدهم يتنفسون الصعداء لعدم سؤالي عما يخفى عني...

ألهذا الحد يظنون أن ما يخفون يهمني؟...

للأسف فهم إلى الآن لم يعرفوا شخصيتي...

تمنيت لو أفهمهم أن مواضيعهم السخيفة لاتهمني...

وأن همي هو اللعب والحلوى...

ليتني لم أزر ذلك العالم الخفي...

* عاااااااااالم الكبار*

حينما أرى الأطفال يتنازعون بقولهم...

((أنا أكبر منك))

أود لو أخبرهم عن ذلك العالم الذين يشتاقون لزيارته...

(العالم التافه)

إنه لا يستحق لهفتهم ونزاعاتهم...

بل ليبقوا بعالمهم الذي تمنيت لو أني بقيت فيه...

تبا لتلك المركبة التي نقلتني منه...

عندما أتذكر فحري عند ركوبها...

ألوم نفسي أشد اللوم...

لو أني رفضت الركوب وهربت منهم...

هل يضنون أني سعيدة الآن؟...

لكم تخيلت لو أني أصرخ وأقول-...

عوووووودي يا مركبة...

عودي وأعيديني لموطني...

فهذا عالم غريب...

لا أنتمي إليه...

عودي وخذيني لبيتي.. لسكني...

لكم أشتاق للجري بين الزهور...

وتلك السقطات التي يظنون أنها تؤلمنا...

ولكن ما أن نعود للعب حتى ننسى الألم..

حالما أنظر لوجوه الكبار...

أود لو أصرخ فيهم-...

تباً لعالمكم...

ما إن وطأت قدمي أرضكم...

حتى توالت الهموم من كل حدب وصوب...

كيف تأقلمتم؟...

وكيف تحملتموها؟...

فقد أثقل كاهلي بها...

أتخلص من إحداها...

لتهجم على أخرى أشرس من سابقتها...

ألم تروا وجهي المليء بالخدوش...

إنها من مخالبها...

وتلك الجراح من أنيابها...

لم يستطع أي مطهر من تطهيرها...

ولا طبيب من مداواتها...

فكيف لطبيب أن يعالج من لديه نفس الجروح التي أكتسبها من عالمهم

السخيف؟...

ألم يأن أوان العودة؟...

أبحث عمن يعيدني لموطني...

ولكن يرتد بصري خاسراً...

وينحسر إلى مسمعي...

ضحك الزمن على هذا الطلب الغريب...

فكيف له أن يعود؟...

أسمع صوتاً مدوياً من خلفي...

فألتفت...

أجد تلك المركبة...

أجري إليها...

فينزل منها أطفال...

قلت لهم-...

عودوا لعالمكم...

هذا عالم لا يناسبكم...

فكم ستندمون على مجيئكم إلى هنا...

هل سمعوا نصيحتي؟...

لا أظن...

فهم يركضون للهو في عالم الغرباء...

بل عالم الأشقياء...

فلا راحة هنا...

قد يفاجأون بأن سكانه يكبرون عشر سنين عن عمرهم الحقيقي...

فالهموم أهلكتهم...

أدرت ظهري لهم...

سمعت صراخاً وبكاء...

وزمجرة!...

ألتفتت... فإذا بي أفاجأ...

الأطفال

ماذا حل بهم؟...

إن البراءة تغتال من قبل الهموم...

ياااه...

الخدوش والجروح تملأ وجوههم...

والهموم المفترسة تلهث بعد أن أدت واجبها...

وعلى وجوه الأطفال سيما الندم...

الآن هم مثلي يريدون العودة للوطن...

ولكن هيهات يلبى طلبهم...

عدت إلى طريقي...

فهم الآن خلفي يتبعون طريقي...

أتنبه على صوت إحدى النساء وهي تقول-...

** إن فلانة تقول:....**

فماذا عساي أريد بما تقول فلانة...

لقد نسيت أني في إحدى مجالس الكبار...

إنهم الكبار واهتماماتهم...

فلا عودة لعالم الصغار...

حسم الأمر...

نورة بنت حمد السلمان – عنيزة



 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد