Al Jazirah NewsPaper Tuesday  07/10/2008 G Issue 13158
الثلاثاء 08 شوال 1429   العدد  13158
التنكر للوطن
د. إبراهيم بن محمد السماعيل

للولاء للدين والوطن قيمة عُليا وليس للحياة قيمة إذا لم يكن للإنسان اعتزاز بدينه ووطنه، والمواطنة الصالحة وهي جزء من الدين ليست شعارات براقة تخاطب العواطف وتدغدغ المشاعر أو وعوداً جوفاء أو خطبا ارتجالية حماسية وتحركات استعراضية دعائية أو جعجعة إعلامية، المواطنة الصالحة تفاعل إيجابي خلاّق وهي بناء وتنمية وأخلاق ومصداقية لا تلون فيها ولا خضوع ولا خداع، ومن أعظم المصائب التي ابتلي بها الوطن تنكر بعض أبنائه له وقَلبُهُم له ظهر المجن في صورة من أبشع صور العقوق ونكران الجميل وخيانة الوطن، ورغم أن نكران الجميل بصفة عامة خلق مذموم ديناً وعرفاً فإنه يتفاوت في مستوياته ليصل إلى مستويات عليا تتمثل في التنكر للدين وللوطن وتزداد خطورة ذلك الأمر عندما يتجاوز الإنسان حُدود التنكر إلى العمل ضد الدين والوطن، لقد ابتليت الأمة بشرذمة من السفهاء والمرتزقة من سقط المتاع من المتخلفين عقلياً المنهزمين فكرياً المفلسين اجتماعياً ممن ليس لهم همّ إلا خلخلة القيم الراسخة للمجتمع، ممن تنكروا لهويتهم ولوطنيتهم وأصبحوا يقتاتون على حساب قيم مجتمعهم وأخلاقه وثوابته، ضاعوا في متاهات الحياة يبحثون عن موقع يُنَصِّبون أنفسهم من خلاله كرموزٍ وطنية، يجيدون التطاول على الحكام والعلماء ويتعالون على عامة الناس، يعتقدون أن اللوم قوةً والمكر براعة، كُذََّابٌ خُداعٌ متآمرون وصوليون استئصاليون حاقدون مدلسون يحملون نفسيات غير متزنة موازينهم مختلة يرون الإفساد إصلاحا والإصلاح إرهابا يتأرجحون مع أهوائهم يميلون حيث تميل الريح، المصلحة هي الحاكم لسلوكهم يُقدمون مصالحهم الشخصية على مصالح مجتمعهم، تصاب من الغثيان من كتاباتهم وأطروحاتهم ليس لهم ثوابت ولا قيم انسلخوا منها كما ينسلخ الرجل من قميصه، مواقفهم رخيصة ومتذبذبة، قلوبهم مع مجتمعهم وسيوفهم مع المتربصين بهذا المجتمع ألسنتهم في الظاهر تقطر شفقة ورحمة على مجتمعهم ولكنهم إذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئون مواقفهم بالليل غير مواقفهم بالنهار مستعدون لبيع كل شيء حتى الوطن، مبدعون في تأجيج الصراع وتخبيب الأفراد على وطنهم، التآمر شعارهم والخيانة ديدنهم، يستقوون بالغريب على مجتمعهم ودينهم ووطنهم، يتفانون في إطراء المجتمعات المنحلة ويتنكرون لكل جميل في مجتمعهم ويلمزونه بالتخلف والرجعية، يزيفون الحقائق ويضللون الوعي العام ويتفننون في المغالطات، لا يميزون بين الحق في التعبير وركوب موجة التزلف والتضليل وتشويه صورة الوطن، يقدسون أهواءهم الذاتية ونزعاتهم الأنانية، دائما في خصومة مع دينهم ووطنهم، طابور خامس أعماهم حب الدنيا وشهوة المنصب، وضعوا أيديهم في أيدي الأعداء، ودلهوهم على عورات مجتمعهم سهلوا لهم الأمر ومهدوا لهم الطرق باعوا وطنهم ومجتمعهم بأبخس الأثمان، صاروا مطيةً للأعداء يُنفِّذون من خلالهم المخططات ويُدِيرون المؤامرات، ليس لهم ولاء يقفزون من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين، أزعجتهم وأقلقتهم خصوصية مجتمعهم وتفرده ووحدته وترابطه، يُزَعزِعون ترابط مجتمعهم من خلال بذر الشبهات وترويج الشهوات، دعاة تمرد وانحلال، يتراقصون على مصائب أمتهم ويتباكون على غيرهم، يجيدون اللف والدوران والمراوغة وذرِّ الرماد في العيون، تبرأت أيديهم من النظافة وأقلامهم من الشرف، كتل صماء من الحقد والكراهية، لا يحملون أي رسالة، بل يؤدون دوراً كُلِفوا به، كثيراً ما يتغنون بشعارات براقة تدغدغ المشاعر وتجذب البسطاء من الناس كالمساواة، وحقوق الإنسان، والحرية، يتخذون من ذواتهم وكلاء عن أفراد الأمة يتحدثون باسمهم ويحملون (ادعاءً) همومهم، كثرة قولهم تحكي دائما نقص عملهم، هؤلاء هم من تنكروا لدينهم ووطنهم هذه أخلاقهم وقيمهم لا يرعوون ولا يرتدعون خدعهم الحلم على طيشهم فتمادوا في غيهم وباطلهم كفانا الله شرهم وحرس بلادنا من كيدهم.

من أقوالهم:

(عندما يصرخ أحدهم بأعلى صوته (الوطنية) فإنه يسعدني جداً أن استكشف باحثاً عن نظافة يده ونقاء قلبه).

رالف والدو اميرسون كاتب وشاعر أمريكي.

الرياض


imis1234@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد