تتكون قيم المرء من ثقافة بيئته ومن ثم من أداءات هذه الثقافة السلوكية..، ويغلب على عاداته امتداد هذه الثقافة إلى أنسجته الفكرية وقناعاته حين تلتف حوله مفرزات البيئة في التعامل والتفاعل بل في الكلام ولغة الخطاب..، وغالباً ما يؤخذ من أفواه المتقدمين في السن قاموسهم في الكلام بمفرداته ودلالاته التي تشير إلى نمطية الفكر في جيلهم ونوعية القيم لديهم بل تنعكس في عادات المعاش اليومي وأساليب التبادل بين الأفراد في البيئة الواحدة حيث هم..، لذا يمكن الإشارة إلى عادات الجماعات ومفاهيمهم وقيمهم وسلوكهم، بل قناعاتهم المنعكسة في أشكال نشاطهم الفكري والسلوكي المعبرة عنه طرق ملبسهم ومأكلهم وتعبيرهم عن أنفسهم من مفرداتهم تلك التي تحصد وبسرعة ما يمكن أن يسهل على الباحث أو المتأمل أو الراصد للتغييرات في حياة الناس جماعات أو أفرادا أمر الوصول إلى ما وصلت إليه المؤثرات المختلفة الطارئ منها والزاحف إليهم والمستعمر لحيز قناعاتهم مما تأتي به موجة التغيير في حياة الناس تلك التي وسمت بالتطوير أو التنوير أو التحديث أو حتى التحضر بينما العديد منها موج كاسح لثوابت أصيلة في قيم ما كان ينبغي أن تمسها التغييرات بأي مس...،
ولنأخذ مفردتي الصحيح والخطأ في قاموس مجتمع كمجتمعنا..، ونقارن مفهومهما بين جيلين... فإن عرضناهما على جيل ما قبل فسنجدهما يقيسان كل عمل وقول يمثل أو لا يمثل القبول والرفض في محك الدين والأخلاق؛ إذ كان الدين هو المصدر لكل صواب في فكر وسلوك وخلق الإنسان وبناء عليه لا يتقبل من المرء أن يتلفظ بمفردة ما يمكن أن تشير إلى عيب أو خلل في الفكر أو السلوك من معيار الحلال والحرام أو الجائز وغير المسموح به..، فكيف بالتعامل بها أو ارتكابها سلوكاً عاماً في الحياة..؟.. غير أن هاتين المفردتين عند جيل ما بعد الذي يمارس الآن حياته في نزوح تام عن تلك المعايير نجد أن الخطأ عنده صواباً والصحيح عنده تزمتاً وتخلفاً وتقليدية بل تقوقعاً..، حيث إن هاتين المفردتين في وضع الجيل الحديث لا تمثلان اعتباراً لهذا المصدر أبداً..،
ولقياس مفردات الجيل الحالي على معايير من سبق ستتضح الصورة المؤلمة حين نجدهم لم يعودوا يدركون ما معنى أن ترفض الأذن الإصغاء لما يخل بالوقار.. أو التلفظ بما لا ينم عن ضوابط خلقية ذات قيم حين كانت تظلل سلوك المرء وتحفزه للأداء فإن الإنسان كان ينعم في سلامة حس لا تخدشه شوائب التجاوز...
إن مفردات الجيل شاهد وفيٌّ على الهوة بين قيم سادت ثم سيقال عنها لاحقاً بأنها بادت...
وسلام على الصواب والخطأ في قاموس السلوك وأخلاق القوم... ما دام الباب مفتوحاً على غاربه لحرية الجيل المطلقة في غياب عن الرقيب.. الأمين.. اليقظ.. التقي..،