إلى (شريتح الرويلي)
***
* أتعرف مسرى الرعاة
من الجندويل
إلى (البردويل)
ل(وادي المياه)؟!
- تقطع الإبل ثلاثين يوماً،
برحلتها السرمدية
تقطع أرض (المساد)
تمس حواف العراق
وبادية الشام،
وتوغل نحو الجزيرة أن امرعت
ارض نجد
وطال بها العشب حتى ضلوع الجِمال
تنيخ ب(وادي الزعتري) ليلاً
تُمرغُ أجسادها في شميم الفلاة
وترفع أعناقها في الصباح
لتأخذ (رِبعاً وخِمساً)
لترتاد (خبرا الحصان)
وخبرا الحصان مورد البدو في سنوات
الخصاب
يجيئونها من فُجاج الجزيرة
ويقتتلون من أجلها بالرماح
أو (الشِلف)
أو بالخناجر
أو بالبنادق (الدّك)
ثم يخلّون أمواتهم في العراء
ينجعون إلى الشرق
إلى واحة (كاف)
أو يتوغلون نحو (الحماد)
أتعرف يا صاحبي ما الحماد؟
الحماد مملكة للفراغ الرهيب
ومهلكة للعباد
تموت على أرضها الكائنات
ويقطنها البدو في السنوات (الشِداد)
وتسفو الرياح رمالاً على أهلها كالرماد
وفيها القبابر تسقط مشوية من أعالي السماء
ويفنى الجراد
وفيها (اليرابيع) تتقافز مثل (الكناغر)
في وطأة القيظ - عبر السراب
ويلسعها حجر أملس
يتقادح مثل الزناد
أما قال عن صوانها الشنفرى
في زمان الصعاليك
إذ كان يجري وحيداً كما الذئب
ويعوي بتلك الوهاد:
(إذا الامعز الصوان لاقى منا سمي
تطاير منه قادح ومُفلّل
واطوي على الحمض الحوايا كما انطوت
خيوطه ماري تغار وتفتل
ولي دونكم اهلون سيد عملّس
وارقط زهلول وعرفاء جيأل
ثلاثة أصحاب: فؤاد مشيّع
وأبيض اصليتا وصفراء عيطل
هم الاهل لا مستودع السرّ ذائع
لديهم ولا الجاني بما جُرّ يخذل)
***
أتعرف تلك الوهاد؟!
أتعرف كيف يكون دليلاً (عمود الحماد)؟
شموخ (عنازه)
(لاهه)
(أم دعال)
أو منهل (البردويل)
إذن هاهو البردويل
ف(حط) الرحِال (نقُيل)
فيا صاحبي: البردويل
بُحيرة ماء
تصفّقها الريح والموج فيها يميل
باتجاه الهبوب
لما تهب رياح الشمال
يهب عبير النفل.
يفوح مع الشيح يرقص من نسوه العبق (الديدحان) الجميل
تغرد من فرحٍ (أم سالم)
يختلط اللون
والعطر
والصوت
في ذلك الكرنفال
فلماذا الرحيل؟!
ولكن.
إذا اتقدت (جمرة القيظ) ضاق السبيل وحاد
آنذاك (تُدرهم) عنه الركائب فوق الفجاج
(بيوم من الجوزاء يستوقد الحصا
تلوذ بأعضاد المطايا خجاريه) ويستعر الصخر بالاتقاد
ويحل (المحيل)
أتذكر يا صاحبي أنا (أوينا إلى ظل عُلّيقةٍ)
حينما خلعتنا القبيلة كالشنفرى
التفتنا إلى الأفق إذ
لا مدائن تلجؤنا أو قُرى
لا مضارب قوم تكون إلينا (ذرى)
أو مكاناً ظليل
أتذكر أن القبيلة اجتاحها في الصحاري الجفاف
وسبع سنينٍ عُجاف
فانحدرت للمدن الساحلية
كي تشرب البحر ملحاً أجاجاً
لكي تجرع النفط ماء ثجاجاً
أو (تهنأ) النوق فيه إذا أصابها الجرب المستطير
أو تترك (الحشو) للطير
أو ينعق البوم في ليلها في الهزيع الأخير، وحتى الصباح
سلاماً لذاك الزمان الذي قد تولى وراح
سلاماً إليك سلاماً إلي سلاماً لحدو القبائل فوق البطاح.