رام الله - (رويترز)
قال مخرج العمل السينمائي (هوية الروح) الذي عرض في ساحة ملعب لكرة القدم في رام الله عبر شاشات ضخمة على مدى ساعة إنه نقل جزءاً من العرض إلى 100 موقع في العالم كانت تحتفل بقراءات من قصائد الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش. وقال المخرج النرويجي توماس هوج لرويترز بعد العرض (نقلنا أربع دقائق ونصف دقيقة من هذا العرض إلى 100 موقع حول العالم عبر الإنترنت كانت تحتفل بقراءات شعرية لمحمود درويش ومنها هاراري عاصمة زيمبابوي).
وأضاف هوج أن (هوية الروح) يهدف إلى تحفيز التفكير. وقال (مهمتنا كفنانين أن نحث الناس على التفكير وبإمكان أشخاص آخرين أن يعلموا ويثقفوا. هذا العرض يستكشف مدى الوحشة التي نحسها نحن كبشر عند اتخاذ قرارات بشأن الحياة والموت). ويأخذ المخرج الجمهور عبر خمس شاشات ضخمة موضوعة إلى جانب بعضها فتبدو كأنها شاشة عرض سينمائية كبيرة تكون عليها ذات الصورة أو صور مختلفة تنسجم مع كلمات قصيدتي الشاعر النرويجي هنريك ابسن (تيريه فيجن) ومحمود درويش (جندي يحلم بالزنابق بيضاء) في رحلة طويلة بين البحث عن لقمة العيش وسط الحروب وما يعانيه البعض من دمار وفقد للأهل. وقد رحل درويش عن عالمنا في التاسع من أغسطس الماضي إثر مضاعفات لعملية جراحية في القلب أجراها بمستشفى في ولاية تكساس الأمريكية. ويطل درويش على الجمهور في هذا العرض الأول لهوية الروح يقرأ قصيدة ابسن التي تروي قصة رجل نرويجي كان ضحية حرب أمضى شبابه في السجن بسببها ليخرج بعد ذلك ويجد أن زوجته وطفلته قد ماتتا. ويستحضر المخرج صوراً للطبيعة وأخرى من الأرشيف بالأبيض والأسود عن تلك المرحلة التي تعود إلى العام 1809 على وقع صوت درويش الذي يظهر على الشاشة بين حين وآخر متنقلاً بين الشاشات الخمس على مدى 40 دقيقة تنتهي بأن يلتقي فيجن بذلك الضابط الذي أودعه السجن وهو بحاجة ماسة إلى مساعدته كي لا يغرق في البحر مع زوجته وابنته. وبعد صراع بين التفكير في الانتقام أو مساعدته يقرر فيجن التسامح وتقديم المساعدة له.
وينتقل العرض بعد ذلك في رحلة تستمر 20 دقيقة يقرأ فيها درويش قصيدته (جندي يحلم بالزنابق البيضاء) التي كتبها بعد حرب 1967 التي أدت إلى احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة وإجزاء من أراضي مصر وسوريا. ويروي درويش قصة جندي يقرر الرحيل عن ساحة المعركة لأنه يحلم بالزنابق البيضاء والعودة إلى أمه سالماً. وقال هوج (هذا العمل ليس رثاء لمحمود درويش بل هو عمل مشترك. كان يجب أن يكون درويش الليلة معنا هنا على المنصة ونحن نقدم العرض الأول لهذا العمل. إن رحيله خسارة كبيرة لقد استطاع أن يصل بشعره الى العالمية. إنني أفتقده كثيراً وخصوصاً في هذه اللحظات). وأضاف (إن قصيدتي ابسن ودرويش تدوران في نفس الدائرة وتحاولان الإجابة على الأسئلة نفسها فيما يتعلق بالتسامح والانتقام). وتعود فكرة هذا العمل السينمائي إلى العام 2006 ومحورها الإنسان والصراع والرغبة في الانتقام والتفكير بالتسامح. وقالت مارتينا رد منتجة العمل (في البداية تم اختيار قصيدة هنريك ابسن التي يعرفها كل طفل في النرويج وتتحدث عن حياة رجل دمرت الحرب حياته كتبها في العام 1861). وأضافت (قرر توماس هوج مخرج العمل توسيع هذه التجربة والبحث عن عملاق آخر من الشعراء المعاصرين يتحدث لغة العصر ويتضمن أفكار التسامح والإنسان. وكان اختيار قصيدة للشاعر محمود درويش التي كتبها في العام 1967 عندما كان عمره 26 عاماً). وتروي مارتينا قصة لقائها مع درويش عندما عرضت الفكرة عليه في مارس اذار من العام 2008م. وقالت (لم نصدق ما كنا نسمع عندما قال لنا إنه يريد تسجيل قصيدته بنفسه وعندما قرأت ترجمة قصيدة ابسن لفاضل العزاوي قال إنه يريد أن يقرأها أيضاً).
وحظي العرض الأول لفيلم (هوية الروح) بإعجاب الكثيرين ممن شاهدوه. وترجمت قصيدة (هوية الروح إلى سبع لغات في العالم وتم عرض ورواية قصيدة ابسن باللغة اليابانية بصوت الشاعر الياباني ماساتو إيبو العام 2006 في اليابان وستعرض قصيدتا درويش وابسن باللغة الإنجليزية بصوت فانيسا ريدجا وبالفرنسية بصوت جين روسفوت وبالنرويجية بصوت آني جريت بروس وبالعبرية بصوت جيلا ألماغور وبالاودور بصوت عرفان خان إضافة إلى العربية بصوت درويش. وتتواصل العروض في مدن الضفة الغربية حيث سيكون العرض الثاني اليوم الثلاثاء في نابلس وبعدها جنين والقدس قبل الانتقال الى جولة عروض خارجية في عدد من المخيمات الفلسطينية في الأردن ولبنان ودول أجنبية أخرى فيها تجمعات عربية.