الألمان اخترعوا الخطوط السريعة، عندما قاموا بإنشائها في الثلاثين من القرن الفائت، والأمريكيون دفعوا للعالم الوجبات السريعة؛ لأنهم يقولون لا وقت للإنسان أن يعد وجبته التي تستغرق ساعات، واليابانيون صنعوا وسائل النقل السريعة من سيارات وغيرها، أما البريطانيون فقد أطلقوا طائرتهم (الكونكورد) التي سبقت الضوء والرياح والشمس،
أما الصينيون فقد أوقفوا عجلة الإنجاب وضخوا للعالم ملايين البشر من الناس في سنوات قليلة، أما العرب فهم ركيزة التطور والإنجازات السريعة من خلال نفطهم الذي يعتمد عليه جميع دول العالم في سرعتهم الحياتية.
ومع تلك السرعة المفضلة لدى الجميع، لا يزال العالم يطلق صرخاته ونداءاته بالقول: (في التأني السلامة وفي العجلة - السرعة الندامة)... فهل بالفعل أن السرعة تسبب الندامة في حياتنا؟
أتذكر قبل سنوات طويلة، كانت جدتي - يرحمها الله - تنصحنا بل تمنعنا من (الأكل بسرعة)، وليس المقصود هنا الوجبات السريعة؛ إذ ليس لديها أي أدنى فكرة عن الوجبات السريعة المفضلة لدى شبابنا من الجنسين، ولكن جدتي كانت تقصد (تناول الأكل بسرعة)؛ فهي تعتقد بل تؤمن أن تناول الأكل هو (أسلوب) حضاري تشتهر به الشعوب، وكانت جدتي تخبرنا دائماً عن قصة الفيلسوف العربي الذي اجتمع بالفيلسوف الغربي حينما اجتمعا على وجبة غداء في إحدى الدول المحايدة (عدم الانحياز)؛ فسأل الفيلسوف الغربي الفيلسوف العربي عن سبب استخدام اليدين في تناول الطعام بينما العالم الأوروبي بأجمعه يأكل بالشوكة والملعقة والسكين.. فابتسم الفيلسوف العربي بكل بساطة سائلاً إياه: هل أنت بالفعل لا تعرف السبب؟
فضحك الغربي وقال باستهزاء: لأننا متحضرون والشوكة والملعقة والسكين وسائل التحضر، وأنتم متأخرون؛ فابتسم العربي وقال للغربي: ليس لأنكم متحضرون ونحن متأخرون. فسأل الغربي: إذاً لماذا تأكلون بأيديكم في الوقت الذي لديكم فيه المال لشراء الملاعق والشوك والسكاكين؟ فابتسم العربي مرة أخرى وقال له:
نحن نأكل بأيدينا؛ لأننا مطمئنون على نظافتها.. وأنتم تستخدمون الملاعق؛ لأنكم متأكدون من وساختها.. كذلك نحن نأكل بأيدينا؛ لأننا نؤمن بسرعة الأكل. أما أنتم فتؤمنون بالتأني حتى في الأكل .. أليس كذلك؟
أعتقد - في نظري - أن السرعة مطلوبة في أوقات كثيرة، كما أن التأني مطلوب في أوقات أكثر من ذلك، إلا أن الحاجة والشيء والظرف هي التي تقرر السرعة أم التأني.. أليس كذلك؟!
- الرياض
Farlimit@Farlimit.com