نشرت الصحف خلال الأيام الماضية أن عشرات الآلاف من المسافرين عبر جسر الملك فهد الرابط بين المملكة والبحرين قد تعطلوا لأكثر من خمس ساعات وذلك تحت درجة حرارة لامست الخمسين؛ وذلك بسبب الازدحام والسلبية والتعقيد في إنهاء إجراءات سفرهم.
العجيب في الأمر، أننا ومنذ إنشاء الجسر الرابط بين المملكة والبحرين قبل أكثر من خمسة وعشرين عاما ونحن نسمع بمعاناة المسافرين للبحرين عبر الجسر دون تحريك ساكن. فلماذا تتكرر المعاناة؟
بعد قيام أوروبا الموحدة قبل سنوات قليلة، تلاشت الحدود بين الدول الأوروبية تماماً، وأصبح المسافر يتنقل بينها دون توقف، بل وبدون أن يشعر أنه انتقل من دولة أوروبية لأخرى. أما لدينا فعلى امتداد أكثر من عشرين عاماً ونحن نعاني من السفر للبحرين، نعاني من بيروقراطية إجراءات الجوازات، نعاني من تعقيدات إجراءات الجمارك، نعاني من الانتظار أمام النافذة الخاصة بإجراءات التأمين على السيارة، نعاني من ضربات الشمس الموجعة التي تصل أكثر من خمس ساعات تحت الأشعة الملتهبة لأشعة الشمس، ونعاني.. ونعاني.. ونعاني.. كل تلك المعاناة تعرضنا لها طوال السنوات الماضية وما زلنا لمجرد أننا نرغب في التنقل بين المملكة والبحرين.
الحدود الجغرافية أُزيلت بين الكثير من الدول في شرق العالم وغربه، أما لدينا فالمعاناة مستمرة على الرغم من توجه القيادات في الخليج للتسهيل على المواطنين الخليجيين من خلال التوصل إلى الخليج الموحد الخالي من الحدود.
ثم إنني أتساءل عن ذلك القصور غير المبرر من قبل الجهات ذات العلاقة على الجسر في تسهيل الإجراءات للمسافرين، ألا تعلم تلك الجهات ان المعدل اليومي للمسافرين خلال إجازة الصيف يتراوح بين 50 -70 ألف مسافر، وأن العدد يتجاوز المائة ألف مسافر خلال إجازة نهاية الأسبوع، ألا تعلم تلك الجهات ما يعانيه هؤلاء الآلاف من المسافرين، أليس من المفترض أن يقف المسؤولون بأنفسهم على تلك المكاتب والمنافذ الحدودية على الجسر للوقوف على تلك المعاناة بدلاً من الاكتفاء بما يرفع لهم من تقارير، على المسؤولين أن يدركوا أن وضع الخدمات على الجسر مأساوي وغير حضاري ولا تقارن مطلقاً بالخدمات الميسرة التي تقدم عبر الطريق الخاص بالدبلوماسيين وكبار الموظفين على الجسر الذي عادة ما يسافر من خلاله هؤلاء المسؤولون.
ثم إنني اتساءل عن السبب الذي يعوقنا عن اختصار تلك الإجراءات التعقيدية على الجسر، لماذا لا يتم توسعة الجزيرة على الجسر، ولماذا لا يتم زيادة المسارات ونوافذ الخدمات في ظل ضخامة أعداد المسافرين عبر الجسر وارتفاع الرسوم المحصلة منهم.
خلاصة الحديث: في الوقت الذي نشهد فيه تلاشي الحدود الجغرافية بين معظم الدول، وفي الوقت الذي نشهد فيه النقلات التنموية والحضارية التي تعيشها دول الخليج، فإن ما يحدث على الجسر الرابط بين المملكة والبحرين لا يعكس أننا نعيش في القرن الواحد والعشرين.