ليس هناك مسرح مدرسي في مدارس البنات، وليس هناك مسرح في الكليات أو جامعة البنات، وليس هناك أكاديمية للفنون المسرحية، وعلى الرغم من جميع هذا الفضاء الدرامي اليباب استزرعت أمل الحسين مسرحيتها التي كتبتها وأخرجتها وقدمتها للجمهور ضمن احتفالات العيد وحلقت بلا أجنحة.
تلك الأرواح الخضراء التي تعرف درب منابع الضوء مهما ارتفع الجدار، وتعلم أنه خلف الجدران تتكور شمس صغيرة.
المسرحية كانت نسائية 100% وبالإمكان هنا أن نتعامل معها ضمن فوقيتنا النخبوية المعتادة رافضين حضور عمل درامي نسميه أعرج، أو يشبه ذلك المخلوق بشق واحد الذي تصوره الأساطير اليونانية.
لكن ما سيدهشنا في مسرحية (مسيار.كوم) أن الفن يستطع دوماً أن يرواغ الجدران والسطور يطفو فوق الموانع ويشهق فوق السدود.
والمسرحية في مجملها تدور حول الظروف التي تتم فيها الكثير من سبل الزواج لدينا، والتي تتدخل فيها الخاطبة بشكل محوري أحياناً، وبطريقة توظف فيها آمال وطموحات الكثيرات وفق عمل تجاري يقترب من السوق الجشعة.
الديكور المسرحي كان بسيطاً ومباشراً يتقلص أمام الحضور الكثيف للشخصيات، المسرحية تتكون من فصلين تتابع أحداثهما سريعاً وبخفة مشوقة، بحيث لا تشعر المشاهدات بالملل أو الإطالة، التحكم بمساحة الشخصيات فوق خشبة المسرح جاء مناسباً بحيث أخذت كل شخصية مجالها بحسب متطلبات السياق المسرحي، قامت بشخصية الخاطبة الفنانة السعودية (الموهوبة) العنود حسين، حيث استطاعت أن تأسر الناس بحضور واثق ولطيف ومؤثر، وإن كانت تجهيزات الصوت في مسرح الحكير لاند لم تخدم الممثلات بشكل جيد.
الفنانة الكويتية منى شداد كانت مفاجأة لي، جعلتني أرفع العديد من علامات الاستفهام؟ فهل لأننا نقدم مسرحاً نسائياً بحتاً، وخالياً من التجارب والخبرات الرجالية، يجعلها هذا الأمر من (منى شداد) تستخف بالحضور وتقدم دورها من خلال الجري والزعيق فوق خشبة المسرح بشكل يقترب من عروض السيرك، إضافة إلى بعض الإحالات التي تسخر بها من اللهجة المحلية على حساب اللهجة الكويتية؟؟؟؟ ولعل هذا الأداء عززه استقبال الجمهور لها بالصفير والتصفيق والضحكات العالية بشكل يجعلنا جميعنا نعرف بأن الالتزام بالهدوء والسلوكيات الحضارية داخل قاعات العروض الدرامية, تحتاج إلى خبرات تراكمية وعبر أجيال طويلة من الممارسة.
الفنانة البحرينية أمينة القصاص كان لها حضور أمومي لطيف على المسرح، استطاعت أن تدفع بأحداث المسرحية بشكل لطيف ومتماسك. واستطاعت المخرجة بذكاء أن تراوغ حضور الرجل على المسرح من خلال حضور موارب من خلال الصوت والإيحاء والحوار.
تجربة أولى لأمل الحسين لكن مفعمة.... بالوعود.
خرجت من المسرح تلك الليلة وأنا أشعر بأن بجانبي قد نمت شتلة خضراء رطبة يانعة.... وذات روح صلبة، فقط اشرعوا لها الأسقف..... وشقوا لها السواقي..... فمساحة الأفق التي تنتظرها شاسعة.