عبارة (نساء في النار) هي عنوان لمطوية ورقية توعوية صغيرة الحجم وجدتها في أحد مساجد الحي ّمن ضمن المطويات الدينية، التي تنتشر بشكل كبير في شهر رمضان المبارك، في إطار التوعية الإسلامية والتفقه الديني .
بأحكام الصيام وفضل رمضان والحث على عمل الطاعات من ذكر وصدقة، فضلا ًعن المسابقات الدينية الخفيفة التي تكون أجوبة أسئلتها مرتبطة بقراءة القرآن وكتب الحديث والسنن والفتاوى، لكن تلك المطوية ذات العنوان (الناري) لم تكن تصّب في هذا الجانب أو على الأقل تتحدث عن أحكام المرأة في رمضان، إنما جاءت بلغة (تحذيرية) للمرأة المسلمة أن تكون من نساء النار، من خلال وريقاتها الأربع التي صممت بشكل جدول على هيئة خانات مرقمة بعناوين محددة، كل خانة فيه تتحدث عن مسألة توجب النار أو تتسبب في عذابها، كعلامات التبرج وموجبات اللعن وصفات النساء المحرمات وتقليد الكافرات وغير ذلك.
هنا لا أبدي اعتراضاً على التوعية الدينية عبر النشرات والمطويات والكتيبات، التي توزع في المساجد أو الأسواق أو المدارس، فهي مطلوبة في زمن كثرت فيه المغريات المحرمة وفتن المعاصي، خاصةً إذا كانت قد صدرت وُطبعت بموافقة الجهات الرسمية المعنية، إنما أسجل نقداً على العنوان المخيف وطريقة عرض مادة تلك المطوية، التي نهجت أسلوب (الترهيب) والوعد بعذاب النار، في الوقت الذي نبحث فيه عن إشاعة كل ما يبشر برحمة هذا الدين العظيم، فلا أدري ما الضير في أن يكون العنوان (نساء في الجنة) بحيث تُعرض المسائل والأحكام والعبادات التي تخص المرأة، من خلال ربطها برضا الله والفوز بدخول الجنة، مع الإشارة إلى ما يخالفها من محاذير وأخطاء توجب عذاب النار والعياذ بالله، عملاً بالقول العظيم (بشروا ولا تنفروا)، ناهيك أن تلك المطوية تأخذ بأحكام فقهية على أنها (قطعية) أو متفق عليها، وهي محل خلاف بين المذاهب الإسلامية، أو على الأقل تحدث بلبلة دينية لدى المرأة المسلمة عندما يتم اختزال رأي فقهي معين في سطر واحد دون أدنى تفصيل مقنع أو تدعيم بالأدلة الشرعية، كما أن توزيعها في المساجد في أجواء رمضان الروحانية، التي تتجه فيه النفوس للطاعات وطلب المغفرة ليس بالتوقيت المناسب، وبالذات في مصليات النساء، فالنساء حضرن للصلاة واستماع الذكر والفتوى وقراءة القرآن والتزود بمطويات تُعرفهن بأحكامهن في الصوم وما يتصل به من عبادات ومعاملات طمعاً برضا الله والفوز بالجنة، وليس لمطالعة مطوية رسم على غلافها ألسنة لهب النار، فتضيق عليهن في الدين وتحاصرهن بعذاب جهنم.
في المقابل لا نجد الحرص الدعوي يشمل واقع الرجال كما هو الحال مع النساء، وذلك بغياب تلك المطويات الدينية التي تتحدث أو تنصح الرجال أو ترهبهم بالمحاذير الشرعية، وكأن النساء وحدهن هن مكمن الخلل الاجتماعي ومصدر التحلل الأخلاقي في حياتنا اليومية، بينما الرجال لهم النصيب الأوفر في المشاكل اليومية والجرائم الأخلاقية.
kanaan999@hotmail.com