تتعاقب الأيام وتمر السنين ويكبر هذا الوطن.. وتعلو رايته ويزداد البناء شموخاً وعظماً وترتفع هامات أبنائه عزاً وفخراً وزهواً بشمائل الخير التي تنبعث من هذه الأرض الطيبة لتنشر أريجها وخيرها ونورها ليشمل القاصي والداني في هذا الوطن وفي كل أوطان العرب والمسلمين.
واليوم هو اليوم الوطني للمملكة العربية السعودية فهو ليس مجرد ذكرى عبارة نستطيع اجتيازها من خلال إقامة الاحتفالات والمراسم المختلفة هنا وهناك لأن هذا اليوم العظيم يعيدنا إلى ما قبل أكثر من مائة عام مضت على تأسيس هذا الكيان العظيم، لنتذكر كيف كانت الفرقة والتمزق والعداوة والجهل تسود أنحاء هذه الجزيرة حتى استطاع -بفضل الله- المؤسس الأول لهذا الكيان صقر الجزيرة العربية المغفور له الملك عبدالعزيز بالإيمان والصبر والشجاعة والإقدام والحكمة والحنكة أن يحول الفرقة إلى نخوة ووئام ويبدد ظلمة الجهل ويجمع شمل الأمة ويلم شعثها على كلمة التوحيد ومن بعده حمل الراية والمسؤولية أبناؤه البررة الذين واصلوا مسيرة البناء والتقدم ونهضوا بالوطن والمواطن فحققوا أعلى درجات الرفعة والتقدم والأمن والرفاهية.
وتمر الأوطان -كل الأوطان- بمحن وأيام عصيبة في تاريخها تكون بمثابة المحك الحقيقي والاختيار الصادق لمدى التفاف الشعوب حول قياداتها ومدى اتصال القيادات بشعوبها وتعكس كل ما يتفتق عنها من عزائم وقدرات وأعمال عظيمة تسطر من خلالها صفحات ناصعة في تاريخها وتعمق حضارتها وبقاءها.
وقد كان في محنة الأمس.. وتلك الأيام العصيبة التي مر بها وطننا الغالي نتيجة أحداث الحادي عشر من سبتمبر والتهديدات التي أطلقتها القاعدة والفئة الضالة لبلادنا المقدسة كانت تلك أكبر تجربة وأبلغ اختيار وضع فيه هذا الشعب وقيادته على حدٍ سواء أمام مسؤولياتهم فماذا كانت النتيجة؟.
من يستقري تاريخ هذا الوطن لابد أن يدرك النتيجة دون عناء فقد كان لنا في تاريخنا القديم عبرة وموعظة حسنة وخير مرشد ودليل لنستطلع طريقنا السليم، فمثلما التف الشعب من قبل حول المؤسس الملك عبدالعزيز -رحمه الله- يوم أعلن كلمة الجهاد لتوحيد هذا الوطن التف حول خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -يحفظه الله- عندما أعلن الحزم والحسم للقضاء على هذه الفئة الضالة واستئصال جذور الإرهاب في هذا الوطن الغالي على الجميع وانتصر الحق ودحر الباطل.
وكتب التاريخ من جديد فوق ثرى هذا الوطن قصة أخرى من قصص البطولة والفداء من أجل الحق والخير وهكذا تظل الأيام الخالدة في تاريخ هذا الوطن مشاعل مضيئة على الطريق تستنير بها الأجيال المتعاقبة لتصل الماضي بالحاضر وترسم طريقها بثقة نحو مستقبل أفضل.
* مدير عام المراجعة الداخلية بوزارة التعليم العالي