Al Jazirah NewsPaper Tuesday  23/09/2008 G Issue 13144
الثلاثاء 23 رمضان 1429   العدد  13144

رجالات في ذاكرة الوطن.. (الأمير محمد بن عبدالعزيز) رحمه الله
الأمير محمد بن عبدالعزيز فارس مقدام وقائد له أياد بيضاء في إرساء دعائم التوحيد والبناء

 

إعداد - إبراهيم الدهيش

في يومنا الوطني هذا اليوم المجيد ونحن نجد ذكرى الأمس لابد وأن نذكر فيمن نذكر بكل فخر واعتزاز رجلاً من رجالات هذا الوطن الذي اعتمد عليه مؤسس هذا الكيان المغفور له بإذن الله تعالى الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود في إرساء دعائم هذا الوطن وبناء هذا الكيان الشامخ ذلكم هو سمو الأمير محمد بن عبدالعزيز -رحمه الله-؛ حيث كان الأمير محمد بن عبدالعزيز أحد أبناء المؤسس وممن نهلوا من مدرسته وتخرج من جامعته. جامعة الشجاعة والمروءة والكرم والحنكة والرأي السديد عاش مع والده الملك عبدالعزيز مرحلة التأسيس والبناء والتوحيد، نشأ نشأة الفضلاء واقتدى بسلوك أبيه وتحلى بصفاته النبيلة.

مولده - رحمه الله -

ولد المغفور له بإذن الله تعالى الأمير محمد بن عبدالعزيز عام 1328 للهجرة في مدينة الرياض وأمه الأميرة الجوهرة بنت الأمير مساعد بن جلوي بن تركي بن عبدالله بن الإمام محمد بن سعود - رحمهم الله- كانت تربيته الفاضلة أساساً لما تحلى به من خلق كريم وتواضع جم ومحبة لدينه ووطنه ومواطنيه.

من كبار الرواد

نذكره في هذا اليوم كرائد من رواد هذه الأمة وكواحد من أبناء المؤسس الذين ساهموا في صناعة تاريخ ومجد هذا الوطن، نذكره كعقل راجح وفكر بارع وعلامة بارزة في جبين هذا الوطن آثر العمل بصمت وزهد السلطة والحكم بعدما ساهم بشكل مباشر في بناء منظومة الوطن وعاضد إخوانه الملوك سعود وفيصل وخالد وفهد -غفر الله لهم- فكان نعم العون ونعم الأخ ونعم الصديق أحسن جمع الكلمة وأجاد في إشاعة روابط المحبة.

علم من الأعلام

نشأ -رحمه الله- شجاعاً ذا همة عالية فكان فارساً مغوارا منذ نعومة أظفاره حمل السيف محارباً تحت إمرة أبيه فكان ممن استدعاهم الملك عبدالعزيز إبان حصار (الرغامة) عام 1343هـ، وشارك بفعالية مشهودة في وقعة (السبلة) عام 1347 إلى جانب أخيه المغفور له الملك سعود، كما شارك في مطاردة فلول البغاة في شرق المملكة حين صحب والده الملك عبدالعزيز إلى الحدود الشمالية في (الدبدبة)، ورأس قوة كبرى للمساندة في الحدود الجنوبية أعقبتها معاهدة (7 ربيع الأول عام 1343هـ).

أميراً لمنطقة المدينة المنورة

عندما كان الملك عبدالعزيز - رحمه الله- في معسكره في (بحره) جاءه اثنان من أعيان أهل المدينة المنورة أحدهما كان مصطفى عبدالعال يحملان رسالة من أهل المدينة يعرضان فيها تسليم المدينة شريطة تأمين الأهلين والموظفين على أرواحهم وأموالهم وألا يتسلمها إلا أمير سعودي من أفراد الأسرة. فجهز الملك عبدالعزيز نجله الفارس الشاب محمد فسار على رأس فرقة من الجند إلى المدينة في الثالث والعشرين من شهر ربيع الثاني 1344 فاستقبله عبدالحميد وعزت بيك وأقر الأمير محمد لهما شروطهما وأمن الأهالي وأعلن العفو العام ودخل المدينة واتجه فوراً إلى الحجرة النبوية الشريفة فسلم على النبي محمد صلى الله عليه وسلم وعلى صاحبيه ثم عاد فاستقبله الأهالي والأعيان من أهل المدينة بالحب والبشر والترحاب.

رجل عظيم

بعدما استتب الأمن وشمل ربوع المملكة وعم الرخاء كل أرجائها عمد الأمير محمد -رحمه الله- إلى السفر خارج المملكة للاطلاع على التقدم الحضاري في البلاد الأوروبية والأمريكية وذلك بتشجيع من والده الملك عبدالعزيز وصحب في إحداها ولي العهد الملك سعود في رحلة شملت أوروبا وكان ذلك عام 1356هـ وعند قدومهما ألقى الشاعر محمد بن عبدالله بن عثيمين قصيدة بالمناسبة بين يدي الملك عبدالعزيز يقول فيها:

يهنيك يا عصمة الدنيا مع الدين

قدوم أبنائك الغر الميامين

إلى أن قال:

محمد حمدت أخلاقه وعلت

في المجد همته فوق السماكين

فكم جلى من خطوب الدهر معتكر

المشرفي ورأي غير مأفون

يابن الذي ملك الدنيا بعزمته

وبالمواضي وأعطى كل مخزون

لازلت تتلوه مستناً بسنته

بأساً وجوداً وعزاً غير مجنون

كما سافر إلى معظم بلاد آسيا والدول العربية وخصص جزءاً من وقته لدراسة اللغتين الإنجليزية والفرنسية وبرع فيهما رغم تقدمه في العمر وكان قد تلقى علومه الأولية في مدرسة بالرياض (مدرسة ابن مصيبيح) وحفظ القرآن الكريم وتعلم أصول القراءة والكتابة.

الأمير الفارس

قال -رحمه الله- يملك أكبر إسطبل للخيل في الرياض وكان موقعه الآن قرب مسجد العيد جنوبي الرياض ويحوي مجموعات نادرة من الخيول العربية الأصيلة المتوارثة من الأسرة السعودية منذ القدم، وكان يملك أشهر حصان وهو المسمى (المصري) كما يملك أشهر سلالة من الخيل من نوع (العبية) وله ولع بممارسة الصيد والفروسية والرماية وكان من أشهر الرماة في هذا العصر.

مثال الكرم والسخاء

له من أعمال البر والخير الشيء الكثير؛ فقد بنى من المساجد ما يربو على مائة مسجد في أنحاء متفرقة من المعمورة وقدم من الأموال ما سد عوز آلاف من المسلمين دون جلبة أو ضجة كما ساعد الكثير من الأسر المحتاجة. كان رحمه الله يعمل في الظل زاهدا في الشهرة والثروة والجاه.

وفاته

وفي يوم الجمعة الموافق 16 من ربيع الآخر من عام 1409هـ أعلن الديوان الملكي في بيان أصدره وفاة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن عبدالعزيز آل سعود بعد حياة حافلة بالعطاء والأعمال الجليلة وأشار الديوان إلى أنه ستتم الصلاة على سموه ظهر يوم السبت الموافق 17 من ربيع الآخر 1409هـ في جامع الملك عبدالعزيز بالمربع في مدينة الرياض.

وووري جثمانه الثرى في مقبرة (العود) بعدما أدت الجموع الصلاة عليه تقدمهم خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز - رحمه الله- بالإضافة إلى أشقائهم من دول الخليج العربية وعدد كبير من أصحاب السمو الملكي الأمراء وأصحاب الفضيلة العلماء والمشايخ وأصحاب المعالي الوزراء وكبار المسؤولين من مدنيين وعسكريين وحشد كبير من المواطنين من جميع مناطق المملكة.

وفقدت المملكة بموته واحداً من رموزها وأبطالها وعلماً من أبرز أعلامها عاش مع والده الملك عبدالعزيز -رحمهم الله- مرحلة التأسيس والبناء فكان نعم الربان الذي قاد السفينة السعودية إلى شاطئ الأمان. كان اسمه كفيلاً بإرجاع الحقوق وكانت شخصيته الفذة عنواناً للقيم الأصيلة. كان صاحب بصيرة نافذة ومثال للحزم والشجاعة والسخاء والوفاء رحيماً عطوفاً بالمحتاج وذي الحاجة.

رحم الله الأمير الفارس الشهم محمد بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود وسيظل اسمه منقوشاً في ذاكرة أجيال هذا الكيان الكبير (المملكة العربية السعودية) كواحد من رجالها الميامين المخلصين الذي ضحى بماله ووقته وراحته في سبيل توحيد القلوب والنفوس ومساهمته الرائدة في توحيد أجزاء هذه المملكة مع والده وإخوانه - رحم الله سموه وعوضنا الله خيراً في إخوته الأشاوس.

المراجع

- من حياة الملك عبدالعزيز - عبدالعزيز محمد الأحيدب

- معارك الملك عبدالعزيز - د. عبدالله الصالح العثيمين

- التاريخ السعودي - د. سعد بدير الحلواني، د. محمد جمعان الغامدي

- توحيد المملكة العربية السعودية - محمد المانع

- آل سعود - أحمد علي

- مقالة جريدة (الجزيرة) - عبدالرحمن سليمان الرويشد

- جريدة (الجزيرة) - الأعداد (5903 - 5905)


 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد