وتتجدد الذكرى عاماً بعد عام، ويحتفل الشعب السعودي بذكرى اليوم الوطني للمملكة العربية السعودية وتأتي هذه الاحتفالات ليست بمثابة كتابة لتاريخ المملكة وحكامها، حيث كتب الكثيرون وأرخ المؤرخون منجزات مؤسس هذه الدولة المترامية الأطراف جلالة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود - غفر الله له - ومتابعة أبنائه مسيرته التنمية.
ولكن يحتفل الشعب السعودي تقديراً وعرفانا لما قدمه قادة المملكة العربية السعودية من منجزات ضخمة في مختلف مجالات التنمية الوطنية وكذلك ما وصلت إليه المملكة من مكانة مرموقة على مستوى المجتمع الدولي، ولم يكن هذا المقال بمثابة حصر لمنجزات المملكة، وإنما تدوينا متواضعا لكي يبرز السمات المميزة لحكام هذا البلد، الذين استطاعوا تحويل مجتمع تقليدي إلى دولة معاصرة، مع الاحتفاظ بثوابت العقيدة الإسلامية للمجتمع السعودي.
ولعل أبرز هذه السمات هو التسلسل المترابط والمستمر لعلميات التنمية والمحافظة على العقيدة الدينية في المكان الأول، بحيث تكون المملكة العربية السعودية دولة معاصرة، وهذا هو العهد الذي اتخذه جلالة الملك عبد العزيز - رحمه الله - على نفسه، وتحمل هذه الأمانة أبناؤه من بعده.
فقد مضت العقود الثلاثة الأولى من تاريخ المملكة في توحيد أجزاء الجزيرة العربية وتأسيس الدولة التي سميت بعد ذلك بالمملكة العربية السعودية.
ومع إتمام هذا الإنجاز العظيم بدأ التوجه الثاقب إلى كيفية الاستفادة من ثروات الوطن، وتسخيرها لرفاهية المواطن السعودي وبناء الدولة الرشيدة، وقد كان جلالة الملك عبد العزيز - رحمه الله - حريصا على دمج المملكة في المجتمع الدولي بعد استخراج النفط ليتبلور هذا الحرص بأن كانت المملكة العربية السعودية ضمن الخمسين دولة الأول في توقيع ميثاق الأمم المتحدة في عام 1945م، وترأس الوفد الأمير فيصل بن عبد العزيز آل سعود - رحمه الله - وتميز العقدان الخامس والسادس بالتهيئة لمسيرة تنمية متواصلة في شتى المجالات، وكانت أجمل حلة لهذا الفترة هي توسعة الحرمين الشريفين، لتوفير سبل الراحة للحجاج والمعتمرين لأداء مناسكهم.
هذا إلى جانب التوسع في هيكلة الأجهزة الحكومية لتلبية احتياجات المملكة الحالية آنذاك، والمستقبلية كما صاحب ذلك العمل على انتشار التعليم والخدمات الصحية، وتوفير مياه الشرب على مستوى المدن والقرى والهجر على حد سواء، ولم تهمل الدولة أهمية المرأة في عمليات التنمية، حيث تأسس التعليم النظامي للفتاة.
وبدأ العمل بصورة أكثر تنظيماً لتنمية المناطق الريفية من خلال تقديم الخدمات الأساسية مثل التعليم والصحة ومراكز التنمية الاجتماعية، وازدياد ابتعاث الشباب للخارج وتلقي تعليمهم العالي في المجالات العلمية المختلفة، التي تتطلبها عمليات التنمية، وإنشاء الكليات والجامعات والمعاهد، وبدأت تظهر في هذه الفترة معالم الرفاهية للمواطن السعودي، وكذلك التطور الاجتماعي والاقتصادي.
ويأتي العقدان السابع والثامن، وما حملاه من قوة عظيمة، ورؤية ثاقبة، ورغبة صادقة من قادة المملكة العربية السعودية في إنشاء البنية التحتية لمتطلبات التنمية بشتى أنواعها، بما في ذلك تطوير الموارد البشرية والاستفادة منها، وتنويع مصادر الدخل الوطني، وتطوير آليات الأمن الغذائي والمائي، وتوفير سبل الرفاهية والأمن والاستقرار للمواطن السعودي.
ومع بداية العقد الأخير من القرن الماضي واستمرارها إلى العقد الحالي الأول من الألفية الجديدة، ففي أوائل التسعينيات تم إعلان نظام الحكم بما تتطلبه احتياجات المملكة وتشكيل مجلس الشورى وإعادة الهيكلة الإدارية لمناطق المملكة، ومع منتصف العقد الأخير الماضي تم إعلان الإصلاحات الاقتصادية وتشكيل المجلس الأعلى الاقتصادي إلى جانب المبادرات الأخرى.
وفي عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله - ظهرت السمة المميزة للمملكة وهي صفة الأمن والأمان واجتثاث الإرهاب، تم في عهده بناء المدن الاقتصادية الذكية، إنشاء الجامعات العالمية، وتطوير الإجراءات القضائية، وإنشاء هيئة البيعة لتعميق جذور الحكم الرشيد المستمد من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة.
وكان لتطوير الخدمات الصحية في المملكة العربية السعودية إنجازات ضخمة للحفاظ على صحة أبناء هذا الوطن المعطاء الذي أعطاها صفة مملكة الإنسانية على يد أبنائها البررة.. فهنيئاً لنا أبناء هذا الوطن المعطاء بهذه الأرض الطيبة وبولاة أمرنا المخلصين البررة.
* مدير عام التموين الطبي بوزارة الصحة