لم يكن هم توحيد بلاد شاسعة الأطراف مثل المملكة العربية السعودية وتوفير الأمن والأمان ورغد العيش لأبنائها ليشغل المؤسس العظيم الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - عن الاهتمام بالجوانب الثقافية والأدبية والاجتماعية التي غرسها في أبناء شعبه منذ اللحظات الأولى لملحمة التأسيس. |
ولأن العرضة الوطنية ورقصة الحرب تمثل جانباً مهماً من تاريخ الوطن وملاحمه العظيمة التي قادها الملك المؤسس رحمه الله كان لا بد من تدوين ذلك الجانب الثقافي الذي ارتبط بالشجاعة والبطولة التي كان عليها المؤسس ورجاله الأشاوس. |
وفي هذا الجانب الذي نعرض له اليوم ونحن نعيش ذكرى يومنا الوطني صدر مؤخراً وفي اهداء خاص لصاحب السمو الملكي الأمير عبدالرحمن بن عبدالعزيز نائب وزير الدفاع والطيران والمفتش العام كتاب (من مرويات حسن بن براك بن جريس) حيث أهدانا إياه الشيخ خالد بن إبراهيم بن عبدالعزيز آل ابراهيم والذي اهدى إليه من لدن صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن عبدالرحمن بن عبدالعزيز، لنقدمه عبر (الجزيرة) في هذه المناسبة الوطنية الغالية باعتباره مرجعاً لنوادر الشعر والملاحم البطولية التي تصور مرحلة من مراحل كفاح المؤسس الملك عبدالعزيز لتكوين وتوحيد المملكة العربية السعودية. حيث يعرف الكتاب في البداية العرضة ورقصة الحرب بأنها قصائد شعرية تشتمل على الفخر والقوة والاعتزاز، ولا تتجاوز عادة عشرة أبيات تبدأ بوصف أو نداء ثم تتناول العدو وهزيمته، ثم تصف قوم الشاعر بالشجاعة والقوة والفروسية وعلى رأسهم الأمير أو الحاكم، وقد تصف امرأة جميلة لتقول لها اياك ومعاشرة الذليل فهو لا يستحق التقدير، وهكذا تدور القصيدة حول هذه الأغراض، والعرضة أول نذر الحرب، وتكون في المناسبات والأعياد، وهي من الفنون التي تحتفظ بها الأمة في السلم للسلوة والذكرى، وفي الحرب للنذر والاستعداد، وهي سجل لتاريخ الحروب ومناسباتها وذكر لما أهمله التاريخ من وقائعها، إذ لابد من ذكرى تحفظ أيام الأبطال الخالدة ومواقفهم المأثورة، وتؤكد أن هذا الكيان ما بني على اللين والترف، وانما بالشدة والقسوة وغرابيل الأيام، قاساها المؤسس الملك عبدالعزيز رحمه الله وجنده الأشاوس، حتى هيأ الله تعالى لهذه البلاد من أمرها رشداً، نسأل الله أن يديم علينا نعمة الأمن والإيمان إنه سميع مجيب. |
|
يتقدم العرضة عند اقامتها ما يسمونها الحوربة أو البيشنة، يرفع صوته بها أحد المنشدين وهي لا تتجاوز بيتا أو بيتين أو ثلاثة من الشعر الخفيف الحربي، وعند نهايتها يكونون قد تجمعوا حوله فيرفعون أصواتهم جميعاً معه ويحملون المحورب على الرؤوس وبعدها مباشرة تغنى القصيدة، ومن ذلك: |
يا مرحبا يا ملكنا |
جعل عمرك يدوم |
حنا هدية بلدنا |
لا من بدا لك لزوم |
ووادي حنيفة مددنا |
وادٍ غشته الغيوم |
|
ويعرض الكتاب لبعض قصائد الملوك وأولهم جلالة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن رحمه الله |
هذه القصيدة يرددها الملك عبدالعزيز رحمه الله في بعض المناسبات: |
سلام يا مني وأنا له |
لا من عوى ذيب لذيب |
ولا من صفى جالي وجاله |
ما عندنا في اللي حريب |
وهذه الأبيات من قصائد الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه، يقول فيها: |
روحن مثل القطا صوب الثميلة |
ضمر تضفي عليهن العباتي |
واهني الترف منسوع الجديلة |
ما ضواه الليل عند مغرزاتي |
وردوهن هيت وأخطاه الدليلة |
والموارد غير هيت مقضباتي |
آه من قلب على حامي المليلة |
لا تذكرت العصور الماضياتي |
عصر من ينطح مقاديم الدبيلة |
لابتي لاجا نهار الموجباتي |
دون دين الله نتعب كل اصيله |
نبذل المجهود دون مخاشياتي |
من تعبث بالفرايض عزتي له |
تقعده حدب السيوف المرهفاتي |
|
وهذه قصيدة الملك فيصل رحمه الله عندما كان أميراً على الحجاز في شبابه في فترة الستينيات، وكان يحب ممازحة رجاله فوجه هذه القصيدة للشاعر عبدالله بن لويحان الباهلي يقول فيها: |
ألا يا من لقلبٍ كل ما جا الليل جاه خلاج |
يلوح ويجتلد بالصدر والعربان ممسيني |
انا متحيرٍ مدري عن المدخال والمخراج |
الا واعمس رايي ما لقيت اللي يقديني |
الا يا مجيب دعوة من تصافق به الأمواج |
أنا بحماك يا والي الخلايق لا تخليني |
الا يا وجد روحي وجد من خلوه بالمسهاج |
كسير الساق بنحور المعادين المعليني |
إلى دك هاجوسي ولو اني على ديباج |
ولو جني جميع البيض غيره ما تسليني |
الا وهني مخلوق يفرج ضيقة الادلاج |
إلى منه دخل بالسوق غادٍ له مياديني |
ترى بعض العرب سوى بروحه مثل سراج |
يضوي للعرب والنار في قلب المسيكيني |
ورد الباهلي بقصيدة مطلعها: |
ألا يا مسندي دنياك ما تحتاج ما تحتاج |
ترى اللي سالم منها تعاقب فيه رمحين |
|
ويتحدث الكاتب عن قصيدة لخادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز رحمه الله عندما كان رحمه الله مريضاً في لندن في شهر شوال من عام 1385 هجري حيث بعثها إلى المرحوم الأمير فهد بن سعد يشكو فيها قساوة المرض: |
يا بوسعد صارت على أخوك غارات |
شهرين اقاسي من شديد الغرابيل |
سو المرض يحمل على اخوك حملات |
ما في يدي حيله ولا في يدي حيل |
والله فزع من فوق سبع السماوات |
وأنا أحمد الله يوم صارت تساهيل |
ما ينفع الخايف والأيام عجلات |
الخوف ما ينفع ولا القول والقيل |
حنا هل العوجا ولابه مراوات |
شرب المصايب مثل شرب الفناجيل |
لاشك انا مشغول في كل الأوقات |
على الذي حنا بظله رجاجيل |
ماني على نفسي كثير الحسافات |
لا سلم راسه روسنا رفاع بالحيل |
حامي حمانا بالليالي المخيفات |
لو صار بالعالم كثير الزلايل |
فخر العروبة بالعدل والمساواة |
هذاك هو فيصل ولا فيه تشكيل |
يشهد له اللي شاهدوا منه ليات |
ويشهد له التاريخ جيل بعد جيل |
وأجابه الأمير فهد بن سعد رحمه الله بهذه القصيدة: |
يا مرحبا بكتاب زين المخلات |
اهلا هلا به عد وبل الهماليل |
حمدت من زال الكدر بالمسرات |
فكاك من صكت عليه المحابيل |
فزع لك اللي عالم بالخفيات |
مبري جروح ايوب غيث المراميل |
لعل ما يزعج على فقدك أصوات |
ولعلها لك يا بو فيصل تماهيل |
الله يجيرك من صواديف الآفات |
عساك تسلم يا عشير المشاكيل |
|
ومن القصائد الرسمية المعروفة والمشهورة في الوقت المتأخر في المناسبات والأعياد قصيدة الشاعر: عبدالرحمن بن صفيان التي القاها في حفل بهيج أمام جلالة الملك فيصل بن عبدالعزيز رحمه الله بعد انتصار الجيش السعودي في حرب الوديعة وكان الشاعر من المشاركين في هذه الحرب.. ويقول فيها: |
نحمد الله جت على ما نتمنّى |
من ولي العرش جزل الوهايب |
خبر اللي طامع في وطنا |
دونها نثني إلى جا الطلايب |
واجد اللي قبلكم قد تمنى |
حربنا لي راح عايف وتايب |
يا هبيل الراي وين أنت وأنا |
تحسب ان الحرب نهب القرايب |
دام فيصل يزهم لكل منا |
فازعين كل صبي وكل شايب |
انهض الجنحان قم لا تونا |
بنكلهم دروس وعجايب |
لي مشى البيرق فزيزومه أنّا |
حن هل العادات واهل الحرايب |
كان ما نجهل على اللي جهلنا |
ما سكنا الدار يوم الجلايب |
ديرة الإسلام حامينه أنا |
قاصرين دونها كل شارب |
|
وهذه القصيدة مشهورة للشاعر حجرف البواردي من أهالي شقراء قالها في احدى معارك ملحمة التأسيس: |
يا هل الديرة اللي شاد مبناها |
ما بلاد حماها طول حاميها |
المباني تهاوي كل من جاها |
ما يفك المباني كود أهاليها |
ديرة صار داها اليوم برداها |
ما تصح البلاد وعيبها فيها |
إن كان ما تفزع يمناها ليسراها |
فاعرف ان ماوطا هاذيك واطيها |
راعي البوق للنيات يلقاها |
من حفر حفرة لازم يقع فيها |
وعيني اللي قذت والنوم ما جاها |
ترجى الله بشير العز يأتيها |
وقال بعد النصر في إحدى المعارك الخالدة: |
يا لابتي ياولاد زيد |
في الدار وش اعذارنا |
حنا هل الراي السديد |
مقدمين خيارنا |
بالصمع ورهاف الحديد |
يوم المعادي زارنا |
لي ساقوا لجمع العبيد |
سقنا عليه اعمارنا |
بالحزم والراي السديد |
يصلي المعادي نارنا |
اصبح ينوه بالشديد |
من حر صالي نارنا |
والرب يفعل ما يريد |
علاّم غيب أسرارنا |
والموت بارقاب العبيد |
لو ما نجي له زارنا |
|
|
يا لله يا والي ولا يولى عليه |
يعلم دبيب النمل في الليل الظلام |
السيح دونه لابة عيو عليه |
بمصقلات ضربها يشعي العظام |
ويا غرس ياللي في الفضا يفجر عليه |
يشرب غدير يطرد مثل الجهام |
ويا راكب اللي ما بعد كرب عليه |
ومن الشمم عدت بدايده السلام |
من جيت من ربعي فسلمني عليه |
وداعتك يالقرم مردود السلام |
|
يا رب عنا لا بلتنا البلاوي |
وارفع الراية لنا يا رفيع |
يا هل العقول انصحو كل ضاوي |
لا تمنيه الروابع يضيع |
عندنا مدورين البلاوي |
اشهب يعبْا ودرج يميع |
وكم صبي ضيعته الهقاوي |
مشترينه يوم جانا مستبيع |
|
وهي قصيدة للعوني بعد وقعة روضة مهنا: |
ساعتين يشيب اللي حضرها |
يمه الحدي عن روضة مهنا |
كن ربي على الدنيا حشرها |
تالي الليل غاب البدر عنا |
وارعدت وابرقت واسبل مطرها |
يو ثار الدخن منهم ومنا |
والسَّناعيس لقّونا خطرها |
ظنَّهم لارتكوا نِنْزاح حنا |
وارتكمنا كما طامي بحرها |
واعتزينا وسابقنا دخنا |
كِلَّه لعين من هلت عبرها |
جادل خضبت بالكف حنا |
|
وللعوني أيضاً قصيدة، قالها يوم وقعة البكيرية: |
مني عليكم يا هل العوجا سلام |
واختص أبو تركي عما عين الحريب |
يا شيخ باح الصبر من طول المقام |
ويا حامي الونيات يا ريف الغريب |
أقدم على الكايد ولا تطري كلام |
والعز في القلطات والرأي الصليب |
ولوك تطيع الشور يالحر القطام |
ما كان نلت العز واشقيت الحريب |
اندب هل العوجا مقابيس الظلام |
هم درعك الضافي إلا بار الصحيب |
عينك الى سهرت يعافون المنام |
سم لغيرك وان تلك مثل الحليب |
لي عسكر البارود واحمر القتام |
وتلافحت باذيالها شهب السبيب |
مير والله ما يجلى عن الكبد الملام |
ألا الميارك يوم يأتي له نحيب |
ومصقلات كنها نور الغمام |
بأيماننا نفرق حبيب من حبيب |
تم الجواب اللي نظمته والكلام |
غرايب يطرب لها القلب اللبيب |
|
فهيد بن دحيم من أعيان أهل الرياض وممن عاش ومات تحت راية الملك عبدالعزيز رحمه الله في بعض غزواته وجهاده ثم مع الملك سعود وكان وجهاً من وجوه أهل العارض البارزة.. وقد غاب مرة وكان مريضاً ففقده الملك عبدالعزيز فقال (هاتوه ولو مشيول) فجاء يغالب مرضه وهز سيفه وقال: |
نجد شامت لابو تركي واخذها شيخنا |
واخمرت عِشَّاقها عقب لطم خشومها |
لي بكت نجد العذبة تهل دموعنا |
بالهنادي قاصرين شوارب قومها |
حن هل العادات ومخضبين سيوفنا |
والطيور الحايمة جادعين لحومها |
صعبةٍ افعالنا لي بغاها غيرنا |
وكلمة التوحيد حنا عمار رسومها |
حن هل العوجا نهار الملاقى عيدنا |
والجزيرة كلها مد بين قرومها |
لابتي عوج المراكيض هذا سوقنا |
بيعوا الارواح في الهوش بأول سومها |
مرخصين ارقابنا لي زهمنا شيخنا |
والقبايل كلها شيخنا قيدومها |
في تواريخ العرب راسمين علومنا |
وعادة الدنيا تزول وتدوم علومها |
فاهتز الملك عبدالعزيز لها وتناول سيفه وجعل يتثنى بين جنده مفتخراً مزهواً وزاد الجند حماسة وعرامة واستجابة وفداء. |
ومن قصائده الحربية الجميلة: |
يا سلام الله مني على عز النزيل |
لا صْطفق في نجد تهتز عقب سكونها |
حامت العقبان والذيب غاد له عويل |
عند أبو تركي لهم عادة يرجونها |
لابتي يوم اشهب الملح غاد له زليل |
ياردون الموت والروح ما يغلونها |
هيه بالمجمول ياللي هدب عينه ظليل |
فيه شارات جميع العرب يشهونها |
لا تراعي بعض الأزوال يا زين تعزيل |
ما وطا بالنار مع لابةٍ ياطونها |
يسحب الماهود والشال والردن الطويل |
وان تسابقنا المحاجي قصر من دونها |
ابرق الجنحان لي جا اللقا ما به حصيل |
والشكاله كلها لابتي يحظونها |
اقمحن يالبيض عار على مرة الذليل |
الكحل عيب عليها يطب عيونها |
|
جت لابو تركي على ما تمنى |
يوم خلى السيف يرعف ذبابه |
شيخنا سير بنا لاتونا |
من سعى بالحرب حنا ذهابه |
يا صليب الرأس زبن المجنا |
من سلايل وايل يلتجى به |
حن هل العوجا نسابق دخنا |
فعلنا بين وكل درى به |
كم صبي طاح يشكي طعنا |
فارق الدنيا وفارق شبابه |
لا حتمى البارود منهم ومنا |
لابتي تاطا الخطر ما تهابه |
لي مشينا والبيارق مشنا |
كل جو مشبعين ذيابه |
تنثني لعيون من هو تثنى |
جادل همه يعلل خضابه |
|
ولابن دحيم أيضاً قصيدة يقول فيها: |
الحمد للي عز سلطان العرب |
اللي كسا الكعبة ودين الله حماه |
في نجد سل السيف لي طاع الصعب |
قوم رسوم الدين والله اللي عطاه |
مقدم هل العوجا وفكاك النشب |
ومن خالف المشروع رده عن هواه |
عبدالعزيز ينهاب لاشتد الغضب |
والى سكن بالطرس ما يحصى عطاه |
وفي مخلبه سم الأفاعي لانقلب |
ومن حارب الإسلام باقدامه وطاه |
|
أما الشاعر ناصر العُريني الذي ولد في نهاية القرن الثاني عشر هجري في بلدة الدرعية وكان إمام وخطيب جامع العلب عاصر الأحداث قبل توحيد المملكة وكان ممن عاصروا الملك عبدالعزيز عرف عنه التقى وكان من أشهر شعراء عصره ومن قصائده: |
يا الله يالمطلوب فعال الجميل |
يا منزل الما من رزين خيالها |
طالبك عدلها بجودك لاتميل |
عطنا العوافي دوم وارخ جلالها |
وافزع لنا كل جيلٍ شاف جيل |
لي حميت المسقوف مع نقالها |
يا لابتي ما عاد للهرجة ذبيل |
ما عاد يحمي البيض كود رجالها |
لي كثروا العدوان والصاحب قليل |
يا هل الميارك برقوا بكيالها |
سقم الحريب اللابة اللي بالوصيل |
في الديرة اللي سورها بجبالها |
حنا هل العوجا عمى عين القبيل |
لي كبرت القاله نفك اشكالها |
وله أيضاً قصيدة يقول فيها: |
عيني ياللي جزت والنوم ما جاها |
ترجى الله بشير العز ياتها |
وانجلى الهم عنها عقب بلواها |
يوم زانت لابو تركي معانيها |
كم راية عقيدٍ هد مبناها |
ريع الطير الابرق في مفاليها |
شيخنا دولة السلطان شعاها |
مثل ذيب الغنم لي ناد راعيها |
يوم جاعت سباع البر عشاها |
صيدته ما تمادى حين يرميها |
دولة أهل الحنيفي ترهب عداها |
حيثهم يلحقون النفس طاريها |
لابتي من قديم تسحن دواها |
والسعد بامر واليها يباريها |
حية ذعذعت والموت يبراها |
ما تعدى الركايب رجل واطيها |
شيخنا في الشريعة ما تعداها |
غايته يوم كل باير فيها |
سامعين الندى صلوا على طه |
عد وبل السحابة من مناشيها |
|