تدور عجلة الأيام وتتواصل مسيرة الخير في بلاد الخير وتمر علينا ذكرى اليوم الوطني الثامن والسبعين للمملكة العربية السعودية الذي يوافق هذا العام يوم الثلاثاء 23-9-1429هـ الموافق 23-9-2008م، فمنذ (ثمانية وسبعين عاماً) وحّد المؤسس الكبير جلالة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود - رحمه الله - أجزاء هذا الوطن في اليوم الأول من الميزان الموافق 21- 5-1351هـ، ومنذ ذلك التاريخ وذكرى اليوم الوطني تتردد وتتجدد عاماً بعد عام نحتفي بها ونتذكرها ونعلّمها لأبنائنا كما علمنا إياها آباؤنا، ونشكر الله على نعمة الوحدة والأمن والاستقرار وندعو للمؤسس الراحل بالرحمة والمغفرة ولأبنائه الذين ساروا على منهجه حتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز حفظهم الله .
إنها ذكرى عزيزة على كل مواطن سعودي نتذكر فيها جهود الملك عبد العزيز في بناء هذه الدولة المترامية الأطراف، دولة الإسلام وحضارته التي شعّت على البشرية بنور الأمن والسلام والمثل العليا والقيم الأصيلة بفضل الله أولاً ثم بتمسكها بالكتاب والسنة وثوابت الدين الإسلامي، دولة الوحدة التي وحدت الشمل والقلوب والأفكار في دولة عظيمة كبيرة رائدة، دولة التنمية التي تسير في طريق التقدم والتطور والبناء، دولة يزيدها مرور الأيام والشهور والسنوات قوة وصلابة داخلياً وخارجيا، فأضحت مضرب المثل في ذلك، وشهد لها العالم شرقه وغربه بهذه الريادة.
وهذه الذكرى السنوية تأتي في هذا اليوم متزامنة مع العشر الأواخر من رمضان في هذه الأيام والليالي الفاضلات لتضفي على يومنا الوطني ديباجة الإيمان والشعور الروحاني بأهمية هذه المناسبة، فحب الوطن من الإيمان؛ كيف لا وهو وطن العقيدة الصافية عقيدة الكتاب والسنة المطهّرة، وطن الكعبة المشرفة بيت الله الحرام التي تتجه إليها القلوب والأفئدة من كل أصقاع الدنيا وفيها مسجد الرسول الهادي محمد بن عبد الله - صلى الله عليه وسلم - وهي موئل الإسلام وحرزه المكين.
كما أن هذه المناسبة تأتي والمملكة تعيش عصرها الذهبي في جميع المجالات، فعلى المستوى الداخلي شهدت بلادنا إنجازات جبارة اقتصادية وتعليمية وصحية وصناعية وتجارية وتقنية وغيرها، وطوّرت أنظمتها لتتواكب ومتطلبات العصر، وافتتحت الجامعات في جميع مناطق المملكة وطورت بنى التعليم وأنظمته وشمل التطور جميع المجالات بلا استثناء، فترسيم الموظفين والموظفات المستمر والزيادة في الرواتب والبدلات والاهتمام بالشأن الداخلي للمواطن ومستوى معيشته، وبناء المشروعات الاقتصادية والتعليمية والخدمية والاتصالية والتوسع في طرق المواصلات وتطوير الإجراءات والأنظمة وزيادة مخصصات الضمان الاجتماعي وصناديق التنمية والإسكان الشعبي ووضع حجر الأساس للمشروعات الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والخدمية كل ذلك وغيره من الإنجازات شواهد على هذا العصر الذهبي لبلادنا العزيزة.
وعلى المستوى الخارجي يأتي اهتمام المملكة بالقضايا العربية والإسلامية وعلى رأس ذلك القضية الفلسطينية والأوضاع العربية والإسلامية وتشجيع الحوار مع الحضارات الأخرى وعقد المؤتمرات لذلك، والعمل على كل ما من شأنه خدمة العرب والمسلمين، إضافة إلى دعم مسيرة التعاون الدولي والتوازن الاقتصادي في العالم بما تملكه المملكة من قوة استراتيجية مؤثرة، ودورها المعروف في إحلال السلام في العالم وتعزيز العلاقات الثنائية بين المملكة والدول الأخرى الشقيقة منها والصديقة عبر العلاقات الثنائية أو عبر المنظمات الإقليمية والدولية بتميز وثبات في المواقف والمبادئ شهد به العالم أجمع نتيجة لمواقف المملكة الواضحة، وسياستها المعتدلة، وعلاقاتها البناءة مع جيرانها وأشقائها وأصدقائها، ودورها المتعاظم في المنظمات الإقليمية والدولية، الأمر الذي أسهم - ولا يزال - في إرساء دعائم السلام والأمن في العالم سياسياً واقتصادياً وفكرياً.
وتجيء مناسبة اليوم الوطني ونحن نعيش - بحمد الله - في السنة الرابعة من حكم خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز آل سعود - حفظهم الله - والمملكة تشهد مسيرة تنموية متميزة بكل المقاييس فلقد حققت المملكة قفزات نوعية بالأرقام والنسب في التصنيفات العالمية (التعليمية والاقتصادية والصحية والرعاية الاجتماعية والاتصالية وغيرها) وتحتفي هذا اليوم بمناسبتها الوطنية السنوية وهي تتذكر جهود قادتها الأوفياء وما قاموا به من جهد وصبر وكفاح وعرق وبذل وتضحية تدفع جيلنا الحاضر لمواصلة العمل والبناء وخدمة الدين والوطن بالغالي والنفيس والإسهام الفاعل في التنمية والبناء بخطوات لا تعرف الملل وعزيمة لا يعتريها الكلل وأمانة تساعد على الإنجاز وتحقيق التطلعات مع اليقظة التامة للوقوف بحزم ضد من يهدد أمن الوطن واستقراره من أصحاب الأهواء والأفكار المنحرفة والضالة، فذكرى اليوم الوطني للمملكة يجب أن تدفعنا دائماً نحن أبناء هذا الوطن إلى التكاتف والتلاحم والبذل والعطاء والجد والاجتهاد والمسؤولية المشتركة بين الجميع تجاه الوطن العزيز الذي نستظل بسمائه ونفترش أرضه المعطاءة، فقوة الوطن وعزته وشموخه يأتي من إسهام كل مواطن بدوره مهما كان عمله وموقعه.
والله نسأل أن يديم على هذا الوطن نعمة الأمن والأمان والاستقرار وأن يرد كيد الكائدين وشر الأشرار الحاسدين إلى نحورهم، وأن يعيد علينا هذه المناسبة وأمثالها وبلادنا ترفل بنعمة الأمن ورغد العيش ونسأله أن يحفظ لهذه البلاد قائدها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وسمو ولي عهده الأمين الأمير سلطان بن عبد العزيز وأن يبقيهم سنداً وذخراً للأمة، والله ولي التوفيق.
جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية - وكالة المعاهد العلمية