إن لبيوت الله مكانة كبرى، وقداسة عظمى؛ وما إضافتها إليه إلا دليل على عظم شرفها ورفعة منزلتها: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ}
{إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ}وقد حث النبي - صلى الله عليه وسلم - على بناء المساجد فقال: (من بنى لله مسجداً بنى الله له بيتاً في الجنة). ولما قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة مهاجراً كان أول عمل قام به بناء المسجد؛ مما يدل على أهمية المساجد ومكانتها في الإسلام، فهي بيوت الله ومأوى ملائكته، ومهابط رحمته، ودور عبادته، وملتقى عباده المؤمين؛ تتوافد إليها جموع المسلمين وضيوف الرحمن في كل وقت وحين؛ المشي إليها تكتب به الحسنات، وتمحى به السيئات واعتيادها علامة الإيمان بالله واليوم الآخر.. وأعظم المساجد شرفاً وأكبرها مزية الحرمان الشريفان؛ البيت الحرام الذي قال الله فيه: {إِنَّ أول بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ}
{وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ}
بيت الله المعظم ملتقى أفئدة المؤمنين، وقبلة أهل الإسلام. تتوجه إليه القلوب وتفد إليه الوفود من كل فج عميق في كل وقت وحين؛ ليشهدوا منافع لهم؛ تعظيمه برهان التقوى، وتقويره دلالة الإيمان.. وهذا البيت ما برح بحفظ الله وكنفه - يطاول الزمان، شامخ الأركان، في منعة من الله وأمان، وكل هذا بفضل الله ثم الجهود والإمكانات التي سخرت من قبل ولاة أمرنا - حفظهم الله - متابعة وإشرافا، عمارة وصيانة، وتطهيراً ونظافة، وهذا واقع مشاهد وأمر ملموس - ولله الحمد والمنة - فواجب كل مسلم ومسلمة أن يسهم في المحافظة على الجو الآمن والطمأنينة السابغة وأن يبتعد كل البعد عن كل ما يشوش على المتنسكين أو يكدر صفو المتعبدين نقول هذا لأنه مع الأسف نشاهد ونسمع تساهل بعض المسلمين رجالاً ونساء في تعظيمهم لقدسية الحرم والمحافظة على هدوئه ونظافته وذلك من خلال اصطحابهم أطفالهم داخل الحرم بمختلف أعمارهم من غير تعليمهم حرمة البيت وافهامهم قدسيته فتجد هؤلاء الأطفال يلعبون ويلهون ويتشاكسون داخل الحرم!! وبأصوات مرتفعة خصوصاً أوقات إقامة الصلاة!؛ وإن كانوا أطفالاً رضع فإنك لا تستطيع أداء الصلاة بخشوع تام بسننها وأركانها من شدة بكاء هؤلاء الأطفال وصياحهم!! والأشد منه ما نشاهده من أن هؤلاء الأطفال ربما لا يتورعون من تنجيس بعض الأماكن والممرات!! والمرء يتساءل أين ولي أمر هؤلاء الأطفال؟! وأين تحمل مسؤوليته تجاههم فإن المشاهد لهذه الحال يظن في نفسه أن هؤلاء اصطحبوا أطفالهم لنزهة أو ملعب ليروحوا عن أنفسهم!! فأين تعظيم شعائر الله؟! وأين مكانة وحرمة البيت في قلوبهم؟! لذا لابد من قيام كلا الوالدين قبل قدومهما إلى المسجد الحرام أن يغرسا في قلوب أطفالهم عظم قداسة هذا البيت، وجعلهم يستشعرون حرمته ومكانته قولاً وفعلاً هذا شيء؛ والشيء الآخر المرأة التي تصطحب معها أطفالها ويسببون لها وللمصلين الإزعاج والإحراج إما أن تصلي في مكان اقامتها (فبيتها خير لها) وهي على أجر عظيم إذا احتسبت الأجر من الله، وإما ان تصلي في التوسعة الخارجية هي وأطفالها.. كل هذا من أجل عدم التشويش على المصلين أو أذيتهم بكثرة حركتهم وتخطيهم للمصلين وها هو النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يخطب الجمعة رأى رجلاً يتخطى رقاب المصلين ويفرق صفوفهم قال له: (اجلس فقد آذيت وآنيت) ويكفي زاجراً في ذلك خطاب الله تعالى لأهل الإيمان بتجنب انتهاك حرمة شعائر هذا البيت زماناً ومكاناً {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحِلُّواْ شَعَآئِرَ اللّهِ وَلاَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ}. هذا خطاب للمكلفين الذين قال فيهم النبي - صلى الله عليه وسلم -: (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته) ومن هذه الرعاية رعاية التربية والتعليم، المراقبة والتوجيه.
saad.alfayyadh@hotmail.com