(كلما أحببت نفسك عرفت مكانك وغايتك في هيكل الحياة بشكل واضح) مقولة نفسية كي تحب الآخرين عليك أن تحب نفسك أولاً، من دون أن تخشى الأنانية، فالشجرة لا يمكن أن تكون صلبة ما لم تتغذ بجذورها!! وكيف تحب الآخرين ما لم تحب نفسك، وما لم تفهم ذاتك! إن حب النفس والذات كما يقول علماء النفس: ليست هي حب الذات النرجسي أو تقدير الذات السطحي ولكنها شكل عميق من احترام الذات القائم على إدراك السمات الإيجابية والسلبية، إن أمتن علاقاتنا مع الناس هي علاقتنا بذاتنا علينا أن نتعلم أن نحب أنفسنا وأن نكون على علاقة طيبة ودودة معها، فنحن عندما لا نحب أنفسنا نشعر بخواء داخلي فنحاول ملأه بحب مؤقت (الزوج، الأصدقاء) ولكنه لن يملأ الفراغ النفسي إلا الشخص نفسه وليس الآخرين! (ففاقد الشيء لا يعطيه) معظمنا يشعر بانسجام مع الناس حتى إننا نتجاهل خصوصياتنا التي تجعل كل منا شخصاً فريداً في هذا العالم، حين تحب نفسك فإنك تفخر بقدراتك وتحافظ على صحتك وتظهر بصورة أفضل، إن الشخص الذي لديه احترام وحب لذاته يبدو فرحاً على عكس الشخص الذي لا يحب نفسه ولديه احترام ضئيل لذاته فإنه يكون ساخراً مؤذياً متبلد المشاعر! إن حب النفس لا يعني أن تضرب صدرك بقبضتك وتصيح في كل مكان (ياهوووه أنا أحب نفسي)!!! إنه تقدير هادئ لشخصك وامتنان لقدراتك واحترام لذاتك، وهو ما يعطيك الثقة في بذل أفضل ما عندك، (ويا لتعاسة من لا يستطيع مصافحة نفسه).. يقول جير دوقلاس: (إن السعادة تنمو داخل أفئدتنا ولا تلتقط من حدائق الآخرين). وقد أثبتت الدراسات الحديثة لعلماء النفس الإكلينكي!! أن الإنسان المحب لذاته يستطيع أن يؤثر في الناس تأثيراً إيجابياً طيباً عند اعتزازه بنفسه وإكثاره من حبه لنفسه لأنه عندها سيكون أكثر حباً للناس، وأن الإنسان بمجرد تغلبه على سخطه وألمه يصبح أقل انتقاداً لنفسه وللناس وأكثر تسامحاً مع نفسه والناس وأفضل تأثيراً فيهم، أما الاعتزاز المتدني بالذات فإنه يقف وراء الاحتكاكات والمتاعب لأصحابها.
إن حب الذات والاعتزاز بها يؤدي إلى اكتساب شخصيات إيجابية مؤثرة في الآخرين (لا تستطيع جذب الآخرين ما لم تكن أنت منجذباً إلى نفسك) إذا أحببنا أنفسنا ووثقنا بها نستطيع الإبحار بشكل أفضل عبر الأوقات الانفعالية الصعبة التي نشعر فيها بالضياع والحزن أو الخوف والغضب، واليأس، ومن ثم ننجح في التغلب عليها حتى وأن لم نعرف كيف ومتى؟ وطالما أننا نرعى أنفسنا ونحبها ونعاملها برفق وعطف، فإننا سنعرف أخطاءنا ونعالجها ونتعلم منها لأننا نعلم أن معنى الحياة هو التعلم ولذلك نعتبر الأخطاء معلومات قيمة وثمينة تفيدنا في التقدم للأمام وليس الخلف!.. يقول كارل يونج: (من ينظر خارج نفسه يحلم أما من ينظر داخلها فيستيقظ).
أما جبران خليل فيقول: ليس للحب غرض آخر سوى أن يحقق ذاته أن يذوب ليصبح مثل الغدير المتدفق الذي ينشد لحناً خاصاً به في الليل لكي يستيقظ عند الفجر، يرفرف قلبه شاكراً ممتناً لبداية يوم جديد من الحب)، فعلاً عندنا نحن أنفسنا تصبح لدينا القدرة على أن نعيش الحب بكل ما فيه من روعة وبهاء وأن نحب لغيرنا ما نحب لأنفسنا، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه. وهذا أصدق دليل على حب النفس فإن أحببت نفسك وأحببت لها الخير فإنك حتماً ستحبه لغيرك، أما إن كرهت نفسك فلن تحب غيرك وستحب لهم ما يكابد نفسك من آلام ويأس وحزن وأسى!!.
كلما أحببنا أنفسنا أصبحنا أكثر مصداقية وجدارة بالثقة وأكثر مساعدة لأنفسنا وللأشخاص الذين نحبهم وللعالم بوجه عام.. إن الإنسان الذي يحب نفسه ويثق بذاته هو الوحيد القادر على الثقة بالآخرين. وهذه دعوة لكم أيها البشر بشكل عام ويا قراء الرياض بشكل خاص لتصافحوا أنفسكم وتبحروا في أعماقها وتنقبوا عن أثمن اللآلئ المختبئة بدواخلكم، وحتما ستجدون كنوزاً مطمورة فقط أمسحوا عنها الغبار!! وهذا ما قاله العلماء.
فاصلة:
الحب في أيامنا أن يقتل الإنسان
في الأرض الزهور
كم من زهور قد قتلناها
لتمنحنا بقايا من عطور