Al Jazirah NewsPaper Wednesday  17/09/2008 G Issue 13138
الاربعاء 17 رمضان 1429   العدد  13138
ضعف الاستثمار في البورصات العربية
د. أحمد بن صالح العثيم

على الرغم من أنّ اهتمام الدول العربية بتأسيس وتطوير أسواق الأوراق المالية قد زاد بشكل مطرد في السنوات القليلة الماضية ضمن سياسات الإصلاح الاقتصادي، حيث إنّ لأسواق المال أهميتها في تجميع المدخرات وتوجيهها نحو القنوات الاستثمارية المختلفة في ظل نظام الاقتصاد الحر الذي تبنّته معظم الدول العربية منذ منتصف سبعينيات القرن الماضي.

وعلى الرغم من هذا التعدد والانتشار النسبي لأسواق الأوراق المالية العربية إلاّ أنّها تعاني من ضعف الاستثمارات .. والمتابع لأحوال المنطقة العربية يجب أن يلاحظ أنّ السبب وراء ضعف الاستثمارات لا يرجع إلى المال بل إلى العديد من المعوقات الأخرى.ومن أبرز تلك المعوقات ما يلي:

1 - سيادة نظام نمط الشركات المغلقة والعائلية للاستثمارات التي تفضل استمرار السيطرة على ملكية وإدارة المشروعات، مما يؤدي إلى انخفاض عدد الشركات المقيّدة بالبورصة، وبالتالي ضعف الغرض من الأوراق المالية.

2 - عدم الفهم والاعتراف بوظيفة السوق الأولية باعتبارها محل توفير للاحتياجات التمويلية للمشروعات الاستثمارية سواء عن طريق رجال الأعمال أو صغار المدخرين، بينما تتركّز وظيفة السوق الثانوية في كونه عاملاً مطمئناً للمدخرين للتخلي عن السيولة مؤقتاً اعتماداً على إمكانية تسييل استثماراتهم عند الحاجة أو الرغبة.

3 - التركيز في قياس مدى نجاح السوق المالية مبيناً على حجم التداول اليومي والقيمة السوقية لهذا التداول، وهذه المؤشرات قد تدل أحياناً على حالات مرضية وليست معايير نجاح، حيث إنّ القيمة السوقية للبورصات الخليجية الرسمية بلغت تريليوناً و 244 مليار دولار تقريباً وذلك خلال شهر فبراير الماضي، غير أنّ هذا الحجم من الأموال معطّل عن الاستثمار الحقيقي، معطّل عن إنشاء مشروعات جديدة، معطّل عن تشغيل أيدٍ عاملة؟ إلى المضاربات التي يخسر فيها طرف ويربح الآخرون دون أية قيمة مضاعفة للاقتصاد المحلي.

وهنا يجب أن نخطط استهداءً تجربة نبينا يوسف عليه السلام حين كانت القيمة السوقية للبورصة الخليجية تريليوناً و 244 مليار كان يجب الاحتياط، حيث إنّ هناك أجيالاً قادمة أكثر عدداً يجب ألاّ نظلمها، ويجب أن نتصرف في الفوائض الحالية بشكل يخلق ثروات دائمة ويولد دخلاً مستمراً.

4 - غياب الأجهزة والمؤسسات التي تخدم الأسواق وتخدم الاستثمارات وهي بشكل عام مثل:

- مؤسسات نفطية الاكتتاب والفهد والإصدار الجديدة ويلحق بذلك افتقار رجال الأعمال لخارطة استثمارية في كل قطر عربي والتي تبرز مشروعات حيوية مدروسة الجدوى مكتملة الجوانب الإدارية والقانونية.

- الشركات ذات رأس المال المخاطر والتنظيم القانوني لها.

كيف يمكن مواجهة تلك المعوقات:

1 - الفصل في عمليات الخصخصة والاستحواذ على الشركات المقيدة على أن تظل النسبة لا تقل عن 30% من أسهم الشركات الحرة وقابلة للاستحواذ وتحويل جزء من محفظة السندات والأذون الحكومية الضخمة إلى أوراق قابلة للتداول في سوق الأوراق المالية وإيجاد نظم لتحفيز الشركات المساهمة على التحول إلى شركات اكتتاب عام، وتتضمن المقررات الدراسية على مستوى المدارس الثانوية والجامعية مواد تتعلق بالتعريف بوظائف سوق الأوراق المالية، وبالطبع فإنّ كل ذلك سيؤدي إلى زيادة العرض في أسواق أوراق المال العربية.

2 - رفع الحد الأدنى لرأسمال شركات الأوراق المالية في مجال ضمان الاكتتابات وتأسيس الشركات والاستثمار المباشر ورأس المال المخاطر وغيرها من المجالات التي توفر خدمات تمويل الاستثمار.

3 -اتخاذ الخطوات اللازمة لإنشاء الشركات صانعة السوق للمساهمة في الحد من تذبذب الأسعار والاعتماد بدرجة أكبر على صناديق الاستثمار وشركات إدارة المحافظ المالية كقنوات متخصصة للاستثمار والتعامل في سوق الأوراق المالية.

4 - التعاون بين شركات الأوراق المالية والبنوك والمؤسسات المالية المماثلة في الدول العربية لتبادل خدمات سوق رأس المال المتعلقة بتنفيذ عمليات الاكتتاب والتداول والتسويات المالية في بورصات تلك الدول.

5 - تطوير الإعلام الاقتصادي وتهيئته بما في ذلك الإعلام المتعلق بأسواق المال في الدول العربية من أجل نشر وتعزيز الوعي.



asa5533@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد