Al Jazirah NewsPaper Wednesday  17/09/2008 G Issue 13138
الاربعاء 17 رمضان 1429   العدد  13138

إلى جنات الخلد يا فقيدة آل عقيّل
حسين محمد الصيخان

 

الحمد لله القائل {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ}، والقائل: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ }، والصلاة والسلام على نبينا محمد القائل { أكثر من ذكر هادم اللذات { صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، وبعد: فإن الموت حق، و{كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. } فالموت أجل مكتوب، وحدث جلل مرهوب، وأمر واقع ما له من دافع، لا مرد له ولا شافع، فسبحان من جعل لكل عمل حساباً، ولكل أجل كتاباً. ففي يوم الأحد الموافق 2-9-1427هـ من شهر رمضان المبارك ودّعت بلدة قصر ابن عقيل حاضرة وبادية المواطنة الفاضلة حصة بنت عبد الله العقّيل عن عمر يناهز الخامسة والستين عاماً إثر جلطة قلبية مفاجئة لها، قال تعالى:{يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّة ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَة مَّرْضِيَّة فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي}، وهذه سنة الحياة، والموت مكتوب على الجميع، ولكن القلب ليحزن والعين لتدمع على فراق الأحبة والغالين على نفوسنا.. يقول الرسول صلى الله عليه وسلم (اذكروا محاسن موتاكم؛ فإنهم أفضوا إلى ما قدموا). نعم رحلت أم عبد الله عن هذه الدنيا، رحلت المرأة الصائمة القائمة، رحلت المرأة المتواضعة للصغير والكبير، رحلت الأيادي البيضاء التي طالما أدخلت البسمة والسرور على قلب كل يتيم وفقير ومحتاج؛ فلقد كان عطاؤها في السر والخفاء بلا منة، لا تريد جزاء ولا شكوراً، تجدها تبحث عن الأعمال الصالحة في كل مكان، كانت عندما تسمع بأي شخص أنه محتاج إلى خدمة تجدها هي التي تبادر إليها ولا تنتظر إلا الدعاء الخالص الذي هي بحاجة إليه الآن، في وقت أشد ما يكون المرء أحوج إليه فيه، ولا أدل على ذلك من كثرة المصلين عليها والمشيعين لجنازتها والمعزين فيها، وهذه علامة خير إن شاء الله في هذه المرأة الفاضلة - يرحمها الله. الفقيدة كم كانت عظيمة بخلقها وجودها وكرمها، وصدق الشاعر صالح بن شريف حيث قال:

وهذه الدار لا تبقى على أحد

ولا يدوم على حال لها شان

نعم، إن مَن يعش لنفسه سيموت مجهولاً ولن يفقده أحد، ومَن يعش لنفسه ولبقية الناس سيموت وهو مرتاح، وسيفقده الجميع.. فهذه المرأة الفاضلة أم عبد الله بموتها وغيابها فقدها الكثير من الأسر ممن كانت تجود عليهم بالمال من زكاة وصدقات وهدايا.. فهي مدرسة في أخلاقها وقدوة في معاملتها مع غيرها.

يقول الشاعر:

وإذا الكريم مضى وولى عهده

كفل الثناء له بعمر ثان

فهذه الفقيدة جعلت من الدنيا مزرعة للآخرة، عُرفت بنبل صفاتها وسلامة صدرها للجميع، لم تعرف معنى الحقد أو الحسد، عرفها الناس بالزهد فكانت مرجعاً لهم في المشورة الصادقة ونموذجاً بينهم في العمل الصالح، أحبها أبناؤها وأحفادها وأقاربها وجيرانها وكل من عرفها فبكاها الجميع بفقدها. فلعل من قبيل الوفاء والعرفان لهذه المرأة الفاضلة وما تتصف به التي مضى على وفاتها عامان أن أكتب هذه الأسطر المتواضعة كلمة حق ووفاء للفقيدة، داعياً الله

العلي القدير أن يسكنها فسيح جناته وأن يجعل قبرها روضة من رياض الجنة.

- الرس


 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد