Al Jazirah NewsPaper Wednesday  17/09/2008 G Issue 13138
الاربعاء 17 رمضان 1429   العدد  13138

الخطيب المخضرم.. عبدالرحمن الداغري
فهد بن علي العبودي

 

في جمعة من جُمع عام 1398هـ صعد الشيخ عبدالرحمن الداغري منبر جامع التوفيق بالدلم خطيباً، وظل كذلك ثلاثين عاماً يترقب الناس إطلالته على المنبر كل جمعة؛ يوجه الناس ويرشدهم في أمور معادهم ومعاشهم، إلى أن قدم طلب إعفائه من الخطابة لظروفه الصحية.

مضت ثلاثون عاما تحمل بين أيامها وشهورها عبق الذكرى الجميلة والعلاقة الحميمة بين (عبدالرحمن الداغري) و(جامع التوفيق) وجماعته، وما زالت تلك العلاقة وإن ابتعد الشيخ -سلمه الله-.

لقد ارتبط الشيخ (الداغري) بالجامع، وارتبط الجامع به ارتباطا متينا على مدى ثلاثة عقود، حتى أصبح كل منهما يُعرف بالآخر، فما يذكر (الداغري) إلا ويذكر الجامع، ولا يذكر الجامع إلا ويذكر الداغري، بل إن البعض قد مزج بينهما وترجم هذه العلاقة باسم (جامع الداغري).

عبدالرحمن الداغري المعلم الخطيب الأديب، قد كسب بهذه الصفات طلابه وجماعة مسجده وعشاق الأدب، كما أنه ملك بنبل أخلاقه وكريم شمائله فئاماً من الناس الذين عرفوه وجالسوه.

لبث الشيخ عبدالرحمن الداغري معلماً في معهد الدلم العلمي ما شاء الله له أن يلبث، ثم انتقل للعمل بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، ورغم إقامته في الرياض إلا أنه ظل باراً ببلدته (الدلم)، ووفياً لمشايخه وأحبابه ولخدينه (منبر جامع التوفيق).

إن شتلة (الوفاء) إذا استنبطت قلبا خصبا، نمت أغصانها، وتفرعت فروعها فيتفيأ الأحبة ظلالها، ولا تزال شامخة لا يزعزعها تعاقب الأيام، ولا يجردها تلون الأحداث.

لقد أسرني البشوش (عبدالرحمن الداغري) بابتسامته التي ترافق محياه ولا تفارقه، فعندما تقابله تصافحك ابتسامته قبل أن تصافحك يده، فتدلف إلى قلبك وتنشر فيه الطمأنينة والرضا.

عبدالرحمن الداغري خطيب مفوه، طالما تفوه فوه بالخطب العصماء، حتى أصبح (جامع التوفيق) أو (جامع الداغري) منارة يؤمها جموع المصلين، ولا غرو في ذلك؛ فهو الخطيب المخضرم الذي صقلته السنون تجربة وخبرة.

ترك الشيخ (الداغري) الخطابة، لكن جنبات الجامع ما زالت تحتفظ بصدى خطبه التي استودعها في أسماعه وأسماع مرتاديه من المصلين، ثم ودعهم جميعا.

ودعتنا من بعدما أودعتنا

ذكراً، ستحفظه لك الألباب

أعتذر للشيخ عن كتابة هذا المقال الذي أعلم أنه سيغضبه وإن أرضى محبيه إلا أن هذه المشاعر لم أستطع تضميدها، فنزفت كلماتها من شرايين الحب؛ لتبين له (أننا نحبه في الله).

حفظ الله الشيخ عبدالرحمن الداغري وشفاه وبارك فيه ووفقه في الدنيا لنيل التوفيق في الآخرة.

- الدلم


 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد